والله لئن مد الله في عمري لأسلمن إليه حقه ، ولأقرن له بالإمامة ، وأشهد انه من بعدك حجة الله تعالى على خلقه ، والداعي إلى دينه ، فقال لي : يا محمد يمد الله في عمرك ، وتدعو إلى إمامته ، وامامة من يقوم مقامه من بعده ، فقلت : من ذاك جعلت فداك ، قال : محمد ابنه ، قال : قلت : فالرضا والتسليم ، قال : نعم كذلك وجدتك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء ثم قال : يا محمد ان المفضل كان انسي ومستراحي ، وأنت أنسهما ومستراحهما [1] حرام على النار أن تمسك أبدا [2] . هذه بعض النصوص التي أثرت عن الإمام موسى ( عليه السلام ) على امامة ولده الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وقد حفلت باهتمام الإمام موسى في هذا الموضوع ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى تفنيد القائلين بالوقف على إمامته ، وابطال شبههم ، وتحذير المسلمين منهم . وصية الامام : وأقام الإمام موسى ( عليه السلام ) ولده الرضا وصيا من بعده ، وقد أوصاه بوصيتين ، وهما يتضمنان ولايته على صدقاته ، ونيابته عنه في شؤونه الخاصة والعامة ، والزام أبنائه باتباعه ، والانصياع لأوامره ، كما عهد إلى السيدات من بناته أن يكون زواجهن بيد الإمام الرضا لأنه اعرف بالكفؤ من غيره ، فينبغي أن لا يتزوجن إلا بمؤمن تقي يعرف مكانتهن ومنزلتهن . اما الوصية الثانية فقد ذكرناها في كتابنا حياة الإمام موسى ( عليه السلام ) فلا حاجة لذكرها فاني لا أحب أن أذكر شيئا قد كتبته . سجن السندي : وأمر الرشيد بسجن الامام في سجن السندي بن شاهك وهو شرير لم تدخل الرحمة إلى قلبه ، وقد تنكر لجميع القيم لا يؤمن بالآخرة ولا يرجو لله وقارا ، فقابل الامام بكل قسوة وجفاء فضيق عليه في مأكله ومشربه ، وكبله بالقيود ، ويقول الرواة انه قيده بثلاثين رطلا من الحديد .
[1] الضمير برجع إلى الإمام الرضا وابنه محمد الجواد . [2] عيون أخبار الرضا 1 / 32 - 33 .