5 - جوده : وكان الإمام موسى ( عليه السلام ) من أندى الناس كفا ، ومن أكثرهم عطاء للبائسين والمحرومين ، ومن الجدير بالذكر انه كان يتطلب الكتمان وعدم ذيوع ما يعطيه مبتغيا بذلك الاجر عند الله تعالى ، ويقول الرواة : انه كان يخرج في غلس الليل البهيم فيوصل البؤساء والضعفاء وهم لا يعلمون من أي جهة تصلهم هذه المبرة ، وكانت صلاته لهم تتراوح ما بين المائتين دينار إلى الأربعمائة دينار [1] وكان أهله يقولون : " عجبا لمن جاءته صرار موسى وهو يشتكي القلة والفقر " [2] . وقد حفلت كتب التأريخ ببوادر كثيرة من الحاجة والسؤال ويجمع المترجمون له أنه كان يرى أن أحسن صرف للمال هو ما يرد به جوع جائع ، أو يكسو به عاريا ، وقد ذكرنا بوادر وأمثلة كثيرة من جوده في كتابنا حياة الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) . 6 - إغاثته للملهوفين : من أبرز ذاتيات الإمام موسى ( عليه السلام ) إغاثته للملهوفين وانقاذهم مما ألم بهم من محن الأيام وخطوبها ، وكانت هذه الظاهرة من أحب الأمور إليه ، وقد أفتى شيعته بجواز الدخول في حكومة هارون بشرط الاحسان إلى الناس وقد شاعت عنه هذه الفتوى " كفارة عمل السلطان الاحسان إلى الاخوان " . ويقول الرواة : ان شخصا من أهالي الري كانت عليه أموال طائلة لحكومة الري ، وقد عجز عن تسديدها وخاف من الحكومة ان تصادر أمواله ، وتنزل به العقوبة الصارمة ، فسأل عن الحاكم فأخبروه أنه من شيعة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فسافر إلى يثرب فلما انتهى إليها تشرف بمقابلة الامام وشكا إليه حاله ، وضيق مجاله ، فاستجاب ( عليه السلام ) بالوقت له ، وكتب إلى حاكم الري رسالة جاء فيها بعد البسملة : " اعلم أن لله تحت عرشه ظلالا يسكنه إلا من أسدى إلى أخيه معروفا ، أو نفس عنه كربة ، أو ادخل على قلبه سرورا ، وهذا أخوك والسلام . . " .