وآثر طاعة الله تعالى على كل شئ ، وكان بيته خاليا من جميع أمتعة الحياة وقد تحدث عنه إبراهيم بن عبد الحميد فقال : دخلت عليه في بيته الذي كان يصلي فيه ، فإذا ليس فيه شئ سوى خصفة ، وسيف معلق ، ومصحف [1] . وكان كثيرا ما يتلو على أصحابه سيرة الصحابي الثائر العظيم أبي ذر الغفاري الذي طلق الدنيا ، ولم يحفل بأي شئ من زينتها قائلا : " رحم الله أبا ذر ، فلقد كان يقول : جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير : أتغذى بأحدهما ، وأتعشى بالآخر ، وبعد شملتي الصوف ائتزر بأحدهما وأتردى بالأخرى " [2] . لقد وضع الإمام موسى ( عليه السلام ) نصب عينيه سيرة العظماء الخالدين من صحابة جده سيد المرسلين يشيد بسيرتهم ، ويتلو مآثرهم على أصحابه وتلاميذه لتكون لهم قدوة حسنة في حياتهم . 4 - حلمه : أما الحلم فهو من أبرز صفات سيدنا الكاظم ( عليه السلام ) ، فقد كان مضرب المثل في حلمه وكظمه للغيظ ، ويقول الرواة : انه كان يعفو عمن أساء إليه ، ويصفح عمن اعتدى عليه ، وذكر الرواة بوادر كثيرة من حلمه كان منها : 1 - ان شخصين من أحفاد عمر بن الخطاب كان يسئ للإمام موسى ويسب جده الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فأراد بعض شيعة الامام اغتياله فنهاهم عن ذلك ، ورأى أن يعالجه بغير ذلك فسأل عن مكانه ، فقيل له : إن له ضيعة في بعض نواحي يثرب وهو يزرع فيها فركب الامام بغلته ، ومضى متنكرا إليه ، فأقبل نحوه فصاح به العمري لا تطأ زرعنا فلم يحفل به الامام إذ لم يجد طريقا يسلكه غير ذلك ، ولما انتهى إليه قابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا له : " كم غرمت في زرعك هذا ! . . " " مائة دينار . . " . " كم ترجو ان تصيب منه ؟ " " أنا لا أعلم الغيب . . " .