ابتداء الدورة دائرة نصف النهار ، وله موافقة لما ذكره ، والذي يغلب على الظن عدم صحة الخبر من مبتدئه فالرضا أجل من أن يستدل بالآية على ما سمعت من دعواه . وعلق السيد الطباطبائي على مقال الآلوسي بقوله : وقد اختلط عليه الامر في تحصيل حقيقة معنى الليل والنهار توضيحه : ان الليل والنهار متقابلان نقابل العدم والملكة كالعمى والبصر ، فكما ان العمى ليس مطلق عدم البصر حتى يكون الجدار مثلا أعمى لعدم البصر فيه ، بل هو عدم البصر مما من شأنه أن يتصف بالبصر كالانسان كذلك الليل ليس هو مطلق عدم النور ، بل هو زمان عدم استضاءة ناحية من نواحي الأرض بنور الشمس ، ومن المعلوم أن عدم الملكة يتوقف في تحققه على تحقق الملكة المقابلة له قبله حتى يتعين بالإضافة إليه ، فلولا البصر لم يتحقق عمى ، ولولا النهار لم يتحقق الليل . فمطلق الليل بمعناه الذي هو به ليل مسبوق الوجود بالنهار وقوله : ( ولا الليل سابق النهار ) وإن كان ناظرا إلى الترتيب المفروض بين النهار والليل ، وان هناك نهارا وليلا ، ونهارا وليلا ، وان واحدا من هذه الليالي لا يسبق النهار الذي بجنبه . لكنه تعالى أخذ في قوله : ( ولا الليل سابق النهار ) مطلق الليل ، ونفى تقدمه على مطلق النهار ، ولم يقل : ان واحدا من الليالي الواقعة في هذا الترتيب لا يسبق النهار الواقع في الترتيب قبله . فالحكم في الآية مبني على ما يقتضيه طبيعة الليل والنهار بحسب التقابل الذي أودعه الله بينهما ، وقد استفيد منه الحكم بانخفاض الترتيب في تعاقب الليل والنهار فان في كل ليل هو افتقاد النهار الذي يتلوه ، فلا يتقدم عليه ، والى هذا يشير ( عليه السلام ) بعد أن ذكر الآية بقوله : أي الليل قد سبقه النهار ، يعني ان سبق النهار الليل هو خلقه قبله وليس كما يتوهم أن هناك نهرا أو ليالي موجودة ، ثم يتعين لكل منها محله . وقول المعترض : " وأما الحساب فله وجه في الجملة " لا يدري وجه قوله : في الجملة ، وهو وجه تام مبني على تسليم أصول التنجيم صحيح بالجملة على ذلك التقدير لا في الجملة . وكذا قوله : ( ورأى المنجمين ان ابتداء الدورة دائرة نصف النهار وله موافقة لما ذكره ) ، لا يحصل لان له دائرة نصف النهار وهي الدائرة المارة على القطبين ، ونقطة ثالثة بينهما غير متناهية في العدد لا تتعين لها نقطة معينة في السماء دون نقطة أخرى فيكون