ومضافا إلى عجائب صنعها بدائع حمايتها ووقايتها ، فقد جعل الله تعالى العينين في منطقة من الوجه منخفضة يحيط بها ثلاث تلال مرتفعات وهي : الحاجب ، والهرم لأنفي والبروز العظمي من الجبهة ، وبالإضافة إلى ذلك فإنهما مغطتان بجفنين يفتحان ويغلقان بمنتهى السرعة كما أحاطهما تعالى بالدمع لتطهير هما ، وترطبهما فسبحان الخالق المبدع العظيم . هذه بعض الأعضاء التي أشار إليها الإمام ( عليه السلام ) ، وقد عرض إلى خصوصياتها ووظائفها علم التشريح ، ولننتقل إلى فصل آخر من هذه الرسالة . قال ( عليه السلام ) : " والكلام لا يحسن إلا بترجيعه في الانف لان الانف يزين الكلام كما يزين النفخ المزمار ، وكذلك المنخران هما ثقبتا الانف يدخلان على الملك بما يحب من الريح الطيبة فإذا جاءت ريح تسوء على الملك أوحى إلى اليدين ، فحجبتا بين الملك وتلك الريح ، وللملك على هذا ثواب وعقاب ، فعذابه أشد من عذاب الملوك الظاهرة القاهرة في الدنيا ، وثوابه أفضل من ثوابهم ، فأما عذابه فالحزن ، واما ثوابه فالفرح وأصل الحزن في الطحال ، واصل الفرح في الترب والكليتين [1] ومنهما يوصلان إلى الوجه ، فمن هناك يظهر الفرح والحزن فيرى علامتهما في الوجه ، وهذه العروق كلها طرق من العمال إلى الملك ، ومن الملك إلى العمال . ومصداق ذلك أنه إذا تناولت الدواء أدته العروق إلى موضع الداء باعانتها . . . " . عرض سليل النبوة إلى عملية النطق والبيان ، وهي أعجوبة بذاتها فالكلام يخرج منسجما متوازنا يهدف إلى معين ، وهو من الظواهر الفذة العجيبة الدالة على عظمة الخالق العظيم ، قال تعالى : ( الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان ) فما يريد أن يؤديه الانسان يتكون قبل التلفظ به في الدماغ ، وهو يوحي إلى اللسان بتأديته ، وذلك بعملية عجيبة ذكرها المعنيون بهذه البحوث . وذكر الإمام ( عليه السلام ) ثواب القلب والدماغ لجسم الانسان وعقابهما له ، وكلاهما يظهران على سحنات الوجه ، فالفرح يغطي الوجه بانبساطه ، والحزن يغمر الوجه بانقباضه ، وأفاد الامام ان أصل الحزن في الطحال ، وأصل الفرح في الترب والكليتين ، فمن هذه الأعضاء تنبعث هذه الظواهر في جسم الانسان .