الغراء ، وانما شملت جميع أنواع العلوم ، والتي منها علم الطب ، فقد كان علما من أعلامه ، ومتمرسا بجميع فروعه ، وجزئياته ، ويدلل على ذلك بصورة واضحة هذه الرسالة التي سماها المأمون بالرسالة الذهبية ، كما منح في تقريضه لها وسام الطبيب على الإمام ( عليه السلام ) وقد وضعت البرامج العامة لاصلاح بدن الانسان ، ووقايته من الإصابة بالأمراض الذي هو القاعدة الأساسية للطب الوقائي في هذه العصور ، والذي يعد من أعظم الوسائل في تقدم الصحة وازدهارها . وعلى أي حال فلا بدلنا من وقفة قصيرة للحديث عما يتعلق بهذه الرسالة قبل عرضها ، وفيما يلي ذلك : 1 - سبب تأليفها : وتميز بلاط المأمون بأنه كان في معظم الأوقات ندوة من ندوات العلم والأدب خصوصا في عهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) عملاق هذه الأمة ورائد نهضتها الفكرية والعلمية ، فقد تحول البلاط العباسي إلى مسرح للبحوث العلمية والفلسفية ، كما ذكرنا ذلك في البحوث السابقة . ومن بين البحوث العلمية التي عرضت في تلك الندوة هو ما يضمه بدن الانسان من الأجهزة والخلايا العجيبة ، وبدائع تركيب أعضائه التي تجلت فيها حكمة الخالق العظيم ، وروعة قدرته ، وخاض القوم فيما يصلح بدن الانسان ويفسده ، وقد ضمت الجلسة كبار العلماء والقادة كان في طليعتهم من يلي : 1 - الإمام الرضا . 2 - المأمون . 3 - يوحنا بن ماسويه . 4 - جبريل بن بختيشوع . 5 - صالح بن بهلة الهندي . وقد خاض هؤلاء القوم سوى الامام في البحوث الطبية والإمام ( عليه السلام ) ساكت لم يتكلم بشئ فانبرى إليه المأمون قائلا له باكبار : " ما تقول يا أبا الحسن في هذا الامر الذي نحن فيه اليوم والذي لا بد منه من معرفة هذه الأشياء ، والأغذية النافع منها ، والضار وتدبير الجسد . . " . لقد طلب المأمون من الإمام ( عليه السلام ) أن يفتح له آفاقا من العلم فيما يتعلق بأجهزة بدن الانسان ، ويرشده إلى النافع من الأغذية والضار منها ، وما يصلح جسم