وأما الخامسة : فقول الله عز وجل : ( وآت ذا القربى حقه ) [1] ، خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها ، واصطفاهم على الأمة ، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أدعو لي فاطمة ، فدعوها له ، فقال : يا فاطمة ، فقالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : إن فدكا لم يوجف عليها بخيل ، ولا ركاب ، وهي لي خاصة دون المسلمين ، وقد جعلتها لك ، لما أمرني الله به ، فخذيها لك ولولدك . فهذه الخامسة . وأما السادسة : فقول الله عز وجل : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) [2] . فهذه خصوصية للنبي ( صلى الله عليه وآله ) دون الأنبياء ، وخصوصية للآل دون غيرهم ، وذلك أن الله حكى عن الأنبياء ، في ذكر نوح ( عليه السلام ) : ( ويا قوم ! لا أسألكم عليه مالا ، إن أجرى إلا على الله ، وما أنا بطارد الذين آمنوا ، إنهم ملاقو ربهم ، ولكني أراكم قوما تجهلون ) [3] . وحكى عن هود ، قال : ( لا أسألكم عليه أجرا ، إن أجري إلا على الذي فطرني ، أفلا تعقلون ) [4] . وقال لنبيه : ( قل لا أسألكم عليه أجرا ، إلا المودة في القربى ) ، ولم يفرض الله مودتهم ، الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ، ولا يرجعون إلى ضلالة أبدا . وأخرى : أن يكون الرجل وادا للرجل ، فيكون بعض أهل بيته عدوا له ، فلا يسلم قلب ، فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على المؤمنين شئ ، إذ فرض عليهم مودة ذوي القربى ، فمن أخذ بها ، وأحب رسول الله ( ص ) وأحب أهل بيته ( عليهم السلام ) لم يستطع رسول الله ( ص ) أن يبغضه . ومن تركها ، ولم يأخذ بها ، وأبغض أهل بيت نبيه ( ص ) ، فعلى رسول الله ( ص ) أن يبغضه ، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله ، وأي فضيلة ، وأي شرف يتقدم هذا ؟ ولما أنزل الله على نبيه ( ص ) : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) قام رسول الله ( ص ) في أصحابه ، فحمد الله ، وأثنى عليه وقال : ( أيها الناس إن الله قد فرض عليكم فرضا ، فهل أنتم مؤدوه ؟ فلم يجبه أحد فقام فيهم
[1] سورة الإسراء / آية 28 . [2] سورة الشورى / آية 22 . [3] سورة هود / آية 31 . [4] سورة هود / آية 53 .