يوما ثانيا ، فقال مثل ذلك ، فلم يجبه أحد فقام فيهم اليوم الثالث ، فقال : " أيها الناس ! إن الله قد فرض عليكم فرضا ، فهل أنتم مؤدوه ؟ فلم يجبه أحد . فقال " أيها الناس إنه ليس ذهبا ولا فضة ، ولا مأكولا ولا مشروبا ، قالوا : فهات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا : اما هذا فنعم ، فما وفى به أكثرهم . وأضاف الامام قائلا : حدثني أبي عن جدي آبائه عن الحسين بن علي ( عليهم السلام ) قال : اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله ( ص ) قالوا : إن لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك ، وفيمن يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا ، مأجورا اعط ما شئت ، وامسك ما شئت من غير حرج ، فأنزل الله عز وجل عليه الروح الأمين ، فقال : يا محمد ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) لا تؤذوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا فقال أناس منهم : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده ، إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه ، وكان ذلك من قولهم عظيما ، فأنزل الله هذه الآية ( أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم ) [1] فبعث إليهم النبي ( ص ) فقال : هل من حدث ؟ فقالوا : أي والله يا رسول الله ، لقد تكلم بعضنا كلاما عظيما فكرهناه ، فتلا عليهم رسول الله ( ص ) فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله تعالى ( وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) [2] . فهذه السادسة . وأما السابعة : فيقول الله : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) [3] وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ فقال : تقولون : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد . والتفت الامام إلى العلماء فقال لهم : " هل في هذا اختلاف ؟ " . فقالوا جميعا ؟ ؟ بصوت واحد .
[1] سورة الأحقاف / آية 7 . [2] سورة الشورى / آية 24 . [3] سورة الأحزاب / آية 56 .