وجل ، إليه ملكين ، فتسور المحراب ، فقالا : ( خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ، ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط . ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ، ولي نعجة واحدة ، فقال : اكفلنيها وعزني في الخطاب ) فعجل داود على المدعى عليه ، فقال : ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) ولم يسأل المدعى البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع الله عز وجل يقول : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ، فاحكم بين الناس بالحق ، ولا تتبع الهوى ) . وطلب ابن الجهم من الامام أن يوضح له قصة داود مع أوريا قائلا : " يا بن رسول الله فما قصته مع أوريا ؟ . . " . وأخذ الإمام ( عليه السلام ) يشرح له قصته قائلا : " إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها لا تتزوج بعده أبدا ، وأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها كان داود ( عليه السلام ) فتزوج بامرأة أوريا لما قتل ، وانقضت عدتها ، فذلك الذي شق على الناس من قتل أوريا . وأما محمد ( صلى الله عليه وآله ) وقول الله عز وجل : ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) فان الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا ، وأسماء أزواجه في دار الآخرة ، وانهن أمهات المؤمنين ، وإحداهن من سمي له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد المنافقين : انه قال في امرأة في بيت رجل انها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين ، وخشي قول المنافقين ، فقال الله عز وجل : ( وتخشى الناس والله أحق ان تخشاه ) يعني في نفسك ، وان الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حوا من آدم وزينب من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقوله : ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ) [1] وفاطمة من علي ( عليه السلام ) . . " . ولما سمع ذلك علي بن الجهم بكى ، وقال : يا بن رسول الله أنا تائب إلى الله عز وجل من أن أنطق في أنبياء الله بعد يومي هذا إلا بما ذكرته " [2] .
[1] سورة الأحزاب / آية 37 . [2] عيون أخبار الرضا 1 / 192 - 195 .