وأما قوله عز وجل : ( وذا النون إذ ذهب مغاضبا وظن أن لن نقدر عليه ) انما ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه ، ألا تسمع قول الله عز وجل : ( وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه ) [1] أي ضيق عليه رزقه ولو ظن أن الله لا يقدر عليه فقد كفر . وأما قوله عز وجل في يوسف : ولقد همت به وهم بها ) فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله عز وجل : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) يعنى القتل والزنا . والتفت الامام إلى علي بن الجهم فقال له : " فما يقول من قبلكم فيه ؟ . . . " . وأخذ علي بن الجهم يتلو على الامام ما أثر عنهم في تفسير الآية قائلا : " يقولون : إن داود ( عليه السلام ) كان في محرابه يصلي ، فتصور له إبليس على صورة طير ، أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته ، وقام ليأخذ الطير ، فخرج الطير إلى الدار ، ثم خرج الطير إلى السطح ، فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير ، فإذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ، وكان قد خرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا إلى التابوت ، فقدم ، فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت ، فقدم فقتل أوريا ، فتزوج داود بامرأته . . " . وفي هذه الرواية نسبة الفحشاء والمنكر إلى نبي من أنبياء الله تعالى ، مضافا إلى ما احتوته من الخرافة ، من ملاحقة داود إلى الطير ، وقد تأثر الإمام ( عليه السلام ) منها ، وقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته ، حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل . . " . وانبرى ابن الجهم يطلب من الامام ايضاح الامر منه قائلا : " يا بن رسول الله ، فما كانت خطيئته ؟ . . . " . وأجابه الامام بما هو الواقع من قصة داود قائلا : " إن داود ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله ، عز