" أهي - أي الإرادة - محدثة ؟ . . . " . " لا ما هي محدثة . . . " . وضيق الامام على سليمان الخناق ، وراحت أقواله تتناقض فتارة يقول بقدم الإرادة ، وأخرى يقول بحدوثها ، فصاح به المأمون ، وطلب منه عدم المكابرة ، والانصاف في حديثه قائلا : " عليك بالانصاف ، أما ترى من حولك من أهل النظر ؟ . " والتفت المأمون إلى الامام قائلا : " كلمه يا أبا الحسن ، فإنه متكلم خراسان " . وسأله الامام قائلا : " أهي محدثة ؟ . . . " . فأنكر سليمان حدوث الإرادة ، فرد عليه الامام : " يا سليمان هي محدثة ، فان الشئ إذا لم يكن أزليا كان محدثا ، وإذا لم يكن محدثا كان أزليا . . . " . وانبرى سليمان قائلا : " ارادته - أي الله - منه ؟ كما أن سمعه وبصره وعلمه منه " . وأبطل الامام عليه قوله ، وقائلا : " فأراد نفسه ؟ . . " . " لا . . . " . وأخذ الامام يفند مقالته قائلا له : " فليس المريد مثل السميع والبصير " . وراح سليمان يتخبط خبط عشواء فقد ضيق الامام عليه ، وسد كل نافذة يسلك منها ، قائلا : " إنما أراد نفسه ، كما سمع نفسه ، وأبصر نفسه ، وعلم نفسه . . . " . وانبرى الامام فأبطل مقالته ، قائلا له : " ما معنى أراد نفسه ؟ أراد أن يكون شيئا ، وأراد أن يكون حيا ، أو سميعا ، أو بصيرا أو قديرا ؟ . . . " . ولم يدر سليمان ماذا يقول ، فأجاب : " نعم . . " .