فقال له الامام : " أفبإرادته كان ذلك ؟ . . " . " نعم . . . " وطفق الامام يبطل مقالته ، ويبدي ما فيها من التناقض قائلا : " فليس لقولك : أراد أن يكون حيا سميعا ، بصيرا معنى ، إذا لم يكن ذلك بإرادته ؟ . . . " . والتبس الامر على سليمان ، وراح يقول : " بلى قد كان ذلك بإرادته . . . " . وعج المجلس بالضحك ، وضحك المأمون والرضا ( عليه السلام ) من تناقض كلام سليمان ، والتفت الامام إلى الجماعة ؟ ؟ ، وطلب منهم الرفق بسليمان ، ثم قال له : " يا سليمان ، فقد حال - أي الله تعالى - عندكم عن حاله وتغير عنها ، وهذا ما لا يوصف الله به . . . " . وبان العجز على سليمان ، وانقطع الكلام ، والتفت الامام إليه ليقيم عليه الحجة قائلا : " يا سليمان أسألك عن مسألة . . . ؟ " . " سل جعلت فداك . . " . " اخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون ؟ أو بما لا تفقهون ، ولا تعرفون . . " . " بل بما نفقه ونعلم . . . " . وأخذ الامام يقيم الحجة والبرهان على خطأ ما ذهب إليه سليمان قائلا : " فالذي يعلم الناس أن المريد ؟ ؟ غير الإرادة ، وان المريد قبل الإرادة ، وان الفاعل قبل المفعول ، وهذا يبطل قولكم : ان الإرادة والمريد شئ واحد . . " . وطفق سليمان قائلا : " جعلت فداك ، ليس ذلك منه على ما يعرف الناس ، ولا على ما يفقهون ؟ " . واندفع الامام يبطل ما ذهب إليه قائلا : " فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة ، وقلتم : الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ، ولا يعقل . . " . وحار سليمان ولم يطق جوابا أمام هذه الطاقات الهائلة من العلم التي يملكها