" إني أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم ، فينتقص عند القوم إذا كلمني ، ولا يجوز الانتقاص عليه . . " . وتعهد له المأمون ، ووعده أن لا يصيبه أي اذى أو مكروه قائلا : " إنما وجهت إليه لمعرفتي بقوتك ، وليس مرادي إلا تقطعه عن حجة واحدة فقط . . " . وهذا الكلام يدلل على سوء ما يضمره المأمون للامام ، وما يكنه له من الحقد والعداء ، واطمأن سليمان ، من أي اعتداء عليه ، وراح يقول للمأمون : " حسبك يا أمير المؤمنين ، أجمع بيني وبينه ، وخلني والذم . . . " ووجه المأمون في الوقت رسوله إلى الامام يطلب منه الحضور لمناظرة سليمان فأجابه الامام إلى ذلك ، وحضر معه وفد من أعلام أصحابه ضم عمران الصابئ الذي أسلم على يده وجرى حديث بينه وبين سليمان حول البداء ، فأنكره سليمان ، وأثبته عمران ، وطلب سليمان رأي الامام فيه فأقره ، واستدل عليه بآيات من الذكر الحكيم ، والتفت المأمون إلى سليمان فقال له : سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والانصاف ، ووجه سليمان الأسئلة التالية للإمام ( عليه السلام ) : س 1 - " ما تقول فيمن جعل الإرادة اسما وصفة مثل حي ، وسميع ، وبصير وقدير ؟ . . " . ج 1 - انما تقول : حدثت الأشياء واختلفت لأنه شاء وأراد ، ولم تقولوا : حدثت الأشياء واختلفت لأنه سميع بصير ، فهذا دليل على أنهما - أي الإرادة والمشيئة - ليستا مثل سميع ، ولا بصير ، ولا قدير . وانبرى سليمان قائلا : " فإنه لم يزل مريدا . . . " . ورد عليه الامام : " يا سليمان فإرادته غيره ؟ . . . " . " نعم . . . " . وذهب سليمان إلى التعدد مع أن الله تعالى متحد مع ارادته ، وأبطل الامام شبهته قائلا : " قد أثبت معه شيئا غيره لم يزل ؟ . . . " . " ما أثبت . . . " .