للناس - بعد هذا - أن ينظروا إلى تصرفات وإعمال المأمون وحزبه ، على أنه تحظى برضى الإمام ( ع ) وموافقته . ولا يمكن لها - من ثم - أن تعكس وجهة نظره ( ع ) في الحكم ورأيه في أساليبه ، التي هي في الحقيقة وجهة نظر الإسلام الصحيح فيه . الإسلام . الذي يعتبر الأئمة ( ع ) الممثلين الحقيقيين له ، في سائر الظروف ، ومختلف المجالات . . وانطلاقا مما تقدم : نراه ( ع ) يرفض ما كان يعرضه عليه المأمون ، من : كتابة بتولية أو عزل إلى أي إنسان . . ويرفض أيضا : أن يؤم الناس في الصلاة مرتين . . إلى آخر ما سيأتي بيانه . وفي كل مرة كان يرفض فيها مطالب المأمون هذه نراه يحتج عليه بشروطه تلك ، فلا يجد المأمون الحيلة لما يريده ، وتضيع الفرصة من يده ، ولا بد من ملاحظة : أنه عندما أصر عليه المأمون بأن يؤم الناس في الصلاة ، ورأي عليه السلام : أنه لا بد له من قبول ذلك - نلاحظ - : أنه اشترط عليه أن يخرج كما كان يخرج جده رسول الله ( ص ) ، لا كما يخرج الآخرون . . ولم يكن المأمون يدرك مدى أهمية هذا الشرط ، ولا عرف أهداف الإمام من وراء اشتراطه هذا ، فقال له ولعله بدون اكتراث : أخرج كيف شئت . . وكانت نتيجة ذلك . . أنه ( ع ) قد أفهم الناس جميعا : أن سلوكه وأسلوبه ، وحتى مفاهيمه ، تختلف عن كل أساليب ومفاهيم وسلوك الآخرين . وأن خطه هو خط محمد صلى الله عليه وآله ، ومنهاجه هو منهاج علي ( ع ) ، ربيب الوحي ، وغذي النبوة ، وليس هو خط المأمون وسواه من الحكام ، الذين اعتاد الناس عليهم ، وعلى تصرفاتهم وأعمالهم . ولم يعد يستطيع المأمون ، أن يفهم الناس : أن الحاكم : من كان ، ومهما كان ، هذا هو سلوكه ، وهذه هي تصرفاته . وأن كل شخصية : من ومهما كانت ، وإن كانت قبل أن تصل إلى الحكم تتخذ العدل ،