والحرية : والمساواة ، وغير ذلك شعارات لها ، إلا أنها عندما تصل إلى الحكم ، لا يمكن إلا أن تكون قاسية ظالمة ، مستأثرة بكل شئ ، ومستهترة بكل شئ ، ولذا فليس من مصلحة الناس أن يتطلعوا إلى حكم أفضل مما هو قائم ، حتى ولو كان ذلك هو حكم الإمام ( ع ) المعروف بعلمه وتقواه وفضله الخ . . فضلا عن غيره من العلويين أو من غيرهم - لم يعد يستطيع أن يقول ذلك - لأن الواقع الخارجي قد أثبت عكس ذلك تماما ، إذ قد رأينا : كيف أن الإمام ( ع ) بشروطه تلك ، وبسائر مواقفه من المأمون ونظام حكمه . . يضيع على المأمون هذه الفرصة ، ولم تجده محاولاته فيما بعد شيئا ، بل إن كثيرا منها كان سوءا ووبالا عليه ، كما سيأتي . لا مجال بعد للمأمون لتنفيذ مخططاته : ولعل من الواضح : أن شروطه تلك قد مكنته من أن يقطع الطريق على المأمون ، ولا يمكنه من استغلال الظروف لتنفيذ بقية حلقات مؤامرته ، إذ لم يعد بإمكانه أن يصر على الإمام أن يقوم بأعمال تنافي وتضر بقضيته هو ، وقضية العلويين ، ومن ثم تؤثر على الأمة بأسرها . . وعدا عن ذلك فإن هذه الشروط ، قد حفظت له ( ع ) حياته في حمام سرخس ، حيث كان المأمون قد حاك مؤامرته للتخلص من وزيره وولي عهده مرة واحدة ، كما سيأتي بيانه . . مما يعني أن سلبيته ( ع ) مع النظام كانت أمرا لابد منه ، إذا أراد أن لا يعرض نفسه إلى مشاكل ، وأخطار هو في غنى عنها . . والذي أمن له هذه السلبية ليس إلا شروطه تلك ، التي جعلت من لعبة ولاية العهد لعبة باهتة مملة لا حياة فيها ، ولا رجاء . .