ولعمري . . لو كان ما كتبه الإمام الرضا ( ع ) على وثيقة العهد من شخص عادي آخر ، لكان يقال عنه الشئ الكثير تعظيما وتبجيلا ، حيث إنه لم يضل عن خطته التي اختطها لنفسه ، ولا حاد عن نهجه قيد أنملة . . مع أن المأمون كان قد فاجأه بطلب الكتابة على الوثيقة ، ولم يكن هو مستعدا ، ولا متوقعا لذلك ، لأن العادة لم تكن قد جرت على ذلك . . وهذا ولا شك مما يزيد من عظمة الإمام ، ويعلي من شأنه ، ويستدعي المزيد من التعظيم والتبجيل له . ولكن الحقيقة هي : أنه - وهو الإمام المعصوم - غني عن كل تلكم التقريظات ، وعن ذلكم التعظيم والتبجيل . . الموقف التاسع : شروطه ( ع ) على المأمون لقبول ولاية العهد ، وهي : " أن لا يولي أحدا ، ولا يعزل أحدا ، ولا ينقض رسما ، ولا يغير شيئا مما هو قائم ، ويكون في الأمر مشيرا من بعيد [1] " ، فأجابه المأمون إلى ذلك كله ! ! ! . وفي ذلك تضييع لجملة من أهداف المأمون . . إذ أن :
[1] الفصول المهمة ، لابن الصباغ المالكي ص 241 ، ونور الأبصار من ص 143 ، وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 20 ، و ج 2 ص 183 ، ومواضع أخرى ، ومناقب آل أبي طالب ج 4 ص 363 ، وعلل الشرايع ج 1 ، ص 238 ، وإعلام الورى ص 320 ، والبحار ج 49 . ص 34 و 35 ، وغيرها ، وكشف الغمة ج 3 ص 69 ، وإرشاد المفيد ص 310 ، وأمالي الصدوق ص 43 ، وأصول الكافي ص 489 ، وروضة الواعظين ج 1 ص 268 ، 269 ، ومعادن الحكمة ص 180 ، وشرح ميمية أبي فراس ص 165 .