بما تعده في حق الله ورعاية المسلمين [1] . " . وهذا إن دل على شئ ، فإنما يدل على مدى أهمية هذا الأمر بالنسبة إلى المأمون ، وأنه يريد تطويق هذا الموضوع من جميع جهاته ، وإن استلزم ذلك كل تلك الأمور ، وإلا . . فما هو الداعي لأن يكتب له العهد بخط يده ! ! ثم أن يتقدم إليه بنفسه ! ! . ثم ما الداعي لأن يطلب من الإمام ذلك ! ! . هذا . . ولا بأس أيضا بملاحظة تعبير المأمون ب " قبول " ! ! . ثم ملاحظة أنه طلب منه أن يكتب هذا القبول ب " خط يده " ! ! . ثم طلب منه أن يشهد الله والحاضرين على نفسه ! ! . حقا . . إنها للعبقرية السياسية : وعلى كل حال . . فلا شك أن المحاورات السياسية تعتبر من الصنايع المستظرفة ، ، وذلك لما تتضمنه من تعريضات ، وكنايات ، حسبما تفرضه الاتجاهات السياسية ، التي يلتزم بها المتحاورون . . ولذا . . نلاحظ أنه ( ع ) . . وإن كان يضمن كلامه الشكر للمأمون ، بل ويكتب تحت اسمه - حسب رواية الإربلي فقط - : " بل جعلت فداك . ولكنه يبطن كلامه ، ويضمنه تعريضات عميقة ، بلهجة معتدلة ، لا عنف فيها ، وذلك يعني : أن الإمام ( ع ) لم يتنازل عن مبدئه ، ولا حاد عن نهجه ، الذي اختطه لنفسه ، بوحي من رسالة الله ، وتعاليم محمد ( ص ) ، وخطى جده علي ( ع ) . . لم يحد عنه قيد شعرة ، ولا هاون فيه ، ولا حابى أحدا ، حتى في هذا الموقف .