فأجابهم الامام مصرا على رفضه قائلا : " دعوني والتمسوا غيري . . . " . وأحاطهم علما بالاحداث المذهلة التي سيواجهها إن قبل خلافتهم قائلا : " أيها الناس إنا مستقبلون أمرا له وجوه ، وله ألوان لا تقوم به القلوب ، ولا تثبت له العقول . . . " [1] . ولم تع الجماهير قوله وانما ازدحمت عليه تنادي : " أمير المؤمنين . . . أمير المؤمنين " [2] . وكثر اصرار الناس عليه ، وتدافعهم نحوهم ، فصارحهم بالواقع ليكونوا على بينة من أمرهم قائلا : " إني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، وان تركتموني فإنما أنا كأحدكم ، ألا واني من أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه . . . " . لقد أعرب لهم انه إن تولى قيادتهم فسوف يسير فيهم بالحق والعدل فلا يجاب ولا يصانع أي انسان ، ودعاهم إلى التماس غيره ، إلا انهم أصروا عليه وهتفوا : " ما نحن بمفارقيك حتى نبايعك . . . " . وتزاحمت الجماهير عليه ، وانثالوا عليه من كل جانب وهم يطالبونه بقبول خلافتهم ، وقد وصف ( ع ) شدة إصرارهم وازدحامهم عليه بقوله : " فما راعني إلا والناس كعرف الضبع [3] ينثالون علي من كل
[1] نهج البلاغة محمد عبده 1 / 182 . [2] أنساب الأشراف 5 / 7 . [3] عرف الضبع : الشعر الكثير الذي يكون على عنق الضبع يضرب به المثل في كثرة الازدحام .