متحيرا ، [ ف ] كيف يطلب علم ما قبل ذلك من سلطانك [1] إذ أنت وحدك في الغيوب التي لم يكن فيها غيرك ولم يكن فيها سواك . لا أحد شهدك حين فطرت الخلق ولا أحد حضرك حين ذرأت النفوس فكيف لا يعظم شأنك عند من عرفك وهو يرى من خلقك ما يرتاع به عقولهم ويملؤ قلوبهم من رعد يقرع له القلوب ؟ وبرق يخطف له الابصار ؟ وملائكة خلقتهم فأسكنتهم سماواتك [2] وليست فيهم فترة ولا عندهم غفلة ولا بهم معصية هم أعلم خلقك بك وأخوفهم لك ؟ وأقومهم بطاعتك ليس يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول لم يسكنوا الأصلاب ولم يضمهم الأرحام أنشأتهم إنشاءا [ و ] أنزلتهم سماواتك وأرمتهم بجوارك وائتمنتهم على وحيك وجنبتهم الآفات ووقيتهم السيئات وطهرتهم من الذنوب / 62 / أ / [3] فلولا تقويتك لم يقووا ولولا تثبيتك لم يثبتوا ولولا رهبتك لم يطيعوا ولولاك لم يكونوا . أما إنهم على مكانتهم منك ومنزلتهم عندك وطول طاعتهم إياك لو عاينوا ما يخفى عليهم لاحتقروا أعمالهم ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك [4] [ ولم يطيعوك حق طاعتك ] . فسبحانك خالقا ومعبودا ومحمودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت مأدبة مطعما ومشربا [5] ثم أرسلت داعيا إليها فلا الداعي أجبنا ولا فيما رغبتنا فيه رغبنا ، ولا إلى
[1] المبهور : المنقطع . المعيي من كثرة الجهد . والواله : المتحير من شدة الوجد . [2] وقريت منه جدا في المختار : " 109 " من نهج البلاغة . ولعل المراد من قوله : " ما يرتاع به عقولهم " : ما يتقلب فيه عقولهم من كبرياء الله تعالى وكثرة نعمه . [3] هذا هو الصواب ، وفي أصلي : " أنشأهم إنشاءا . . . ووقاهم السيئات . " . [4] ما وضعناه بين المعقوفين مأخوذ من المختار : " 109 " من نهج البلاغة . [5] كذا في أصلي ، وفي رواية الإسكافي المتوفى ( 240 ) في كتاب المعيار والموازنة ص 284 ط 1 : فسبحانك خالق ومعبودا ، وسبحانك بحسن بلائك عند خلقك محمودا . . . وفي تفسير سورة " فاطر " من تفسير علي بن إبراهيم المتوفى بعد العام ( 307 ) - ج 2 ص 207 ط 3 : سبحانك خالقا ومعبودا ما أحسن بلاءك عند خلقك ؟ وفي المختار : ( 109 ) من نهج البلاغة : سبحانك خالقا ومعبودا بحسن بلائك عند خلقك . . . وكثيرا من هذه الفقرات وما بعدها رواه أيضا المصنف عن أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة التي مرت في أواسط هذا الباب في الورق 55 / أ / وهي الخطبة التي استنفر بها أمير المؤمنين عليه السلام أهل الكوفة حرب معاوية .