أين القرون الذين غدرتهم بمداعبك وأين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك [1] هاهم رهائن القبور ومضامين اللحود / 49 / ب / والله لو كنت شخصا مرئيا [ وقالبا حسيا ] لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني وألقيتهم في المهاوي وملوك أسلمتهم إلى التلف [ وأوردتهم موارد البلاء ] إذ لا ورد ولا صدر ! ! ! هيهات من طئ دحضك زلق ، ومن ركب لججك غرق ، ومن ازور عن حبائلك وفق ، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه ، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه . اعزبي عني فوالله لا أذل لك فتستذليني ولا أسلس لك قيادي فتقوديني [2] . وأيم الله يمينا - استثني فيها بمشيئة الله - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما ، وتقنع ؟ بالملح مأدوما ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها ! ! ! أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك ؟ وتشبع الربيضة من عشبها فتربض [3] ويأكل علي من زاده فيهجع ؟ ! ! قرت إذا عينه إذ اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية [4] ! ! !
[1] كذا في نهج البلاغة ، وفي أصلي : " أفنيتهم بزخارفك . . . " . إليك عني : أبعدي شخصك عني . والغارب : ما بين السنام والعنق . وانسللت هربت . والمخالب : جمع مخلب : برثن السباع وأظافيرهم . والحبائل : جمع حبالة : فخ الصياد . والمداحض : جمع المدحضة : المزلقة والمزلة . والمداعب : جمع مدعبة : المزاح . والزخارف : جمع زخرف . الذهب ، ويراد منه هنا الأباطيل المموهة . [2] هذا هو الظاهر المذكور في نهج البلاغة ، وفي أصلي : " كيوم آن انسلاخه . . . فوالله لا آذن لك فتستذليني . . . " . والمهاوي : جمع مهوى : مكان السقوط . والورد - بكسر الواو وسكون الراء - : ورود الماء . موضع وروده . والصدر - كشجر - : الصدور عن الماء بعد الشرب . والدحض : المكان الزلق الذي لا تثبت فيه القدم . واللجج : جمع لجة : وسط البحر . الموضع العميق منه . وازور : مال ونكب . والمناخ : محمل الإقامة والسكون . وحان : حضر . والانسلاخ : الانقضاء . ولا أسلس لك قيادي : لا ألين لك زمامي . والقياد - على زنة إياب - : حبل يقاد به الدابة . [3] مأدوما : أي مأدوما به الطعام . ولأدعن : لا تركن . والمقلة : العين . ونضب : غار . ومعينها : ماؤها الجاري . والسائمة : الانعام التي تسرح لتأكل من نبات الأرض . والرعي - بكسر فسكون - : الكلاء . والربيضة : الغنم في مربضه . والربوض : البروك . ويهجع : يسكن . [4] كذا في نهج البلاغة ، وفي أصلي : " والرعية السائمة . . . " والهاملة : المتروكة . والسائمة : الماشية الراعية . الذاهب على وجهه حيث شاء .