( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) [1] . فأن تعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم ، وأخا ابن عمي [2] دون رجالكم ، فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة ، بالغا بالرسالة مائلا عن سنن المشركين ، ضاربا لثبجهم [3] ، يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، آخذا بأكظام المشركين ، يهشم الأصنام ويفلق الهام [4] حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ، حتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن حمضه [5] ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشيطان [6] ، وتمت كلمة الاخلاص ، ( وكنتم على شفا حفرة من النار ) [7] نهزة الطامع ، ومذقة الشارب ، وقبسة
[1] ما بين النجمتين اقتبسها صلوات الله عليها من الآية : ( 128 ) من سورة التوبة . [2] كذا في أصلي ومثله في الحديث الأول من كلم الزهراء سلام الله عليه من كتاب بلاغات النساء ، وفي كثير من المصادر : " فإن تعزوه . . . " وهو من باب دعا ورمى وعلى زنتها : تنسبوه . واتخاذ رسول الله صلى الله وآله وسلم عليا أخا له ، من محكمات تاريخ الاسلام ، وقد أثبت صلى الله عليه وآله وسلم أخوته لعلي قبل ما يواخي بين المهاجرين والأنصار في يوم الدار ، وقد افتخر به علي عليه السلام في مقامات كثيرة ، من أراد علم ذلك فعليه بمراجعة ما ورد حول المواخاة بين المهاجرين والأنصار من كتب التاريخ والحديث ، وقصة يوم الدار ، في الحديث : ( 133 ) من ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق : ج 1 ، ص 97 وتواليها ، ط 2 . [3] كذا في أصلي ، وفي بلاغات النساء : " مائلا عن مدرجة المشركين ، ضاربا لثبجهم آخذا بكظمهم ، يهشم الأصنام ، وينكت الهام ، حتى هزم الجمع وولوا الدبر . . . " . والسنن - محركة - : الطريقة . والمدرج والمدرجة : المذهب والمسلك . والثبج - محركا - : وسط الشئ . ويهشم - على زنة يضرب وبابه - : يكسر . وينكت - بالمثناة الفوقانية من باب نصر - : يلقيه ويطرحه . وبالمثلث الفوقانية - على زنة ضرب ونصر : تنقض وتشعث . وفي بعض نسخ الاحتجاج - على ما رواه المجلسي رفع الله مقامه - : " ينكس " يقلب . [4] الأكظام : جمع كظم وهو مخرج النفس . ويهشم الأصنام : يبالغ في هشمها أي كسرها . والهام : جمع الهامة : الرأس . [5] تفرى : تشقق . وأسفر الحق : أضاء وأشرق . ومحض الشئ : خالصه . [6] في بعض المصادر : " الشياطين " ، وخرست : على زنة علمت - وقفت وسكنت . والشقاشق : جمع الشقشقة القول فيه كذب : والمراد منه هنا تكلم الشياطين بملا أفواههم بجرأة وشهامة ، ويعبر عنه في لسان الفرس ب " جه جه " . [7] اقتباس من الآية : ( 103 ) من سورة آل عمران : 3 .