4 - ظلامة النبي ( صلى الله عليه آله ) برفضهم عهده لأمته ! وهي أعجب ظلامة في تاريخ الأنبياء جميعاً ( عليهم السلام ) وأسوأ تصرف من صحابتهم معهم ! فلو أن نبي الله موسى ( عليه السلام ) قال لليهود : ( إيتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً ، ولا تغلبكم أمة أبداً ، بل تحكمون العالم إلى يوم القيامة ) . فقال له أحدهم : كلا ، لا نريد عهدك ( حسبنا التوراة ) ! ورفضوا أن يكتب لهم نبيهم عهده وعهد ربه ، وفضلوا عليه شخصاً من صحابته فصاحوا : القول ما قال صاحبنا وليس قولك يا موسى ؟ ! فماذا نحكم عليهم ؟ ! لا بد أننا سنحكم عليهم بأشد الأحكام ، لأن عملهم من أسوأ الأعمال ! ! لكن المسلم المسكين ، المُشْرَب من طفولته حبَّ عمر بن الخطاب ، يخاف من محيطه أن يسأل نفسه : ما معنى رفض عمر لكتابة العهد النبوي والشعار الذي رفعه في وجه النبي ( صلى الله عليه آله ) : حسبنا كتاب الله ! ألا يعرف أن أمر النبي ( صلى الله عليه آله ) لهم بأن يقبلوا عهده لمستقبل الأمة ، واجبُ الإطاعة كالقرآن ؟ ! أو يسأل نفسه : كيف أيد أغلب ( الصحابة ) عمر عندما صادر حق النبي ( صلى الله عليه آله ) في رسم مستقبل أمته ، وصاحوا في وجه نبيهم : القول ما قاله عمر ؟ ! وكيف أيدوه عندما صادر حق النبي ( صلى الله عليه آله ) كمسلم في أن يوصي بما يريد ؟ ! وصادر حقه ( صلى الله عليه آله ) كصاحب بيت على فراش مرضه ، أن يتصرف كما يريد ؟ ! وصادر حقه ( صلى الله عليه آله ) في تفسير القرآن ، وبيان من هم أولوا الأمر ؟ ! روحي فداك يا رسول الله ، فما أعظم جهادك ، وما أعجب ظلامتك ؟ ! لقد جاهدت ثلاثاً وعشرين عاماً في أصعب الظروف وأخطرها ، وبَلَّغْتَ رسالة ربك على رغم قريش وعداوتها وحسدها ، لك ولأسرتك بني هاشم !