وأنشأت خير أمة ، على رغم قريش واليهود وعداوتهم وحسدهم ! وبنيت دولة قوية ، على رغم قريش واليهود وحروبهم ومؤامراتهم ! وكنت رحيماً بالقريب والبعيد ، والعدو والصديق . . حتى حان منك لقاء ربك وفراق أمتك ، وأردت وضعها في المسار الرباني بعدك ، واجهك طلقاؤك من قريش ، الذين مننت عليهم بالحياة قبل سنتين ، فقالوا لك بقيادة عمر : نقبل بنبوتك لكن بدون سنتك وعترتك ، فنحن قبائل قريش أولى من بني هاشم ، فالدولة لنا ، ومستقبل الأمة بيدنا ! فإن أبيت ذلك أعلنا الردة ، وأعلناها بعدك حرباً على عترتك كحرب بدر وأحد والخندق ، والنصر بعدك لنا ! فأمرك الله أن تقيم الحجة عليهم فقط ، فإنما عليك البلاغ وليفعلوا ما يشاؤون : لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ . ( الأنفال : 42 ) هل رأيتم ظلامةً لزارع يزرع شجرة وينميها بجهد جهيد ، ويدفع عنها الآفات والحيوانات والسراق ، حتى إذا كبرت وأثمرت ، وحضر زارعها الأجل ، جاءه شخص وقال له : هذه الشجرة لي وإلا قطعتها من جذورها ! ومعه جماعة يحملون فؤوساً ومعاول ويقولون : القول ما قال صاحبنا ! قال عمر ، وهو يروي جانباً من الجلسة الصاخبة يوم الخميس بطريقته الخاصة وهو يهون من فداحة الأمر : ( لما مرض النبي ( ص ) قال : ادعوا لي بصحيفة ودواة أكتب كتاباً لا تضلون بعدي أبداً ! فكرهنا ذلك أشد الكراهة ! ثم قال : ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده أبداً ! فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله ( ص ) ؟ ! فقلت : إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله ( ص ) عصرتنَّ أعينكن ، وإذا صح ركبتنَّ رقبته ! فقال رسول الله : دعوهنَّ فإنهنَّ خيرٌ منكم ) ! ! انتهى . ( مجمع الزوائد : 9 / 33 ) .