ولك في الجنة أحسن منها . . . فلما خلاله الطريق اعتنقني ثم أجهش باكياً وقال : بأبي الوحيد الشهيد ! فقلت : يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي ! أحقاد بدر وتِراتُ أحد . . . يا عليٌّ ما بعث الله رسولاً إلا وأسلم معه قوم طوعاً وقوم آخرون كرهاً ، فسلط الله الذين أسلموا كرهاً على الذين أسلموا طوعاً ، فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم ! يا عليُّ ، وإنه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها ، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ، ولو شاء الله لجعلهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه ، ولا يُتنازع في شئ من أمره ، ولا يُجحد المفضول ذا الفضل فضله ، ولو شاء عجَّل النقمة ، فكان منه التغيير حتى يُكذب الظالم ، ويعلم الحق أين مصيره . ولكن جعل الدنيا دار الأعمال ، وجعل الآخرة دار القرار ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى . فقلت : الحمد لله شكراً على نعمائه ، وصبراً على بلائه ، وتسليماً ورضاً بقضائه ) . ( كتاب سليم ص 137 ) . ما يحبس أشقاها أن يخضب هذه من هذا ؟ ( أما والله لوددتُ أن ربي أخرجني من بين أظهركم إلى رضوانه ! وإن المنية لترصدني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها ؟ ! عهدٌ عهده إلى النبي الأمي ( صلى الله عليه وآله ) وقد خاب من افترى ، ونجى من اتقى وصدق بالحسنى . يا أهل الكوفة : قد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً وسراً وإعلاناً ، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فإنه ما غُزيَ قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم ، وثقل عليكم قولي واستصعب عليكم أمري ، واتخذتموه وراءكم ظهرياً ، حتى شُنت عليكم الغارات ، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات تمسيكم وتصبحكم ! كما فُعل بأهل المثلات من قبلكم ، حيث أخبر الله عز وجل عن الجبابرة العتاة الطغاة المستضعفين الغواة ، في قوله تعالى : يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ . أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد حلَّ بكم الذي توعدون !