تم هذا ! ويحك ! أنظر ما تقول ؟ ! قال : هوما قلت لك يا أم المؤمنين ، فولولت ! فقال لها : ما شأنك يا أم المؤمنين ! والله ما أعرف بين لابَّتيها أحداً أولى بها منه ولا أحق ، ولا أرى له نظيراً في جميع حالاته ، فلماذا تكرهين ولايته ؟ قال : فما ردت عليه جواباً ! قال : وقد روى من طرق مختلفه أن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة ، قالت : أبعده الله ! ذلك بما قدمت يداه ، وما الله بظلام للعبيد . قال : وقد روى قيس بن أبي حازم أنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان وكان مع عائشة لما بلغها قتله ، فتُحْمَلُ إلى المدينة ، قال : فسمعها تقول في بعض الطريق : إيهٍ ذا الإصبع ! وإذا ذكرت عثمان قالت : أبعده الله ! حتى أتاها خبر بيعة علي فقالت : لوددت أن هذه وقعت على هذه ! ثم أمرت برد ركائبها إلى مكة فردت معها ، ورأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها ، كأنها تخاطب أحداً : قتلوا ابن عفان مظلوماً ! فقلت لها : يا أم المؤمنين ، ألم أسمعك آنفاً تقولين : أبعده الله ، وقد رأيتك قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولاً ! فقالت : لقد كان ذلك ، ولكني نظرت في أمره ، فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء ، أتوه صائماً محرماً في شهر حرام فقتلوه ! قال : وروى من طرق أخرى أنها قالت لما بلغها قتله : أبعده الله ، قتله ذنبه ، وأقاده الله بعمله ! يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان ، كما سام أحيمر ثمود قومه ! إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع ( تقصد طلحة ، وكانت إصبعه مشلولة ) فلما جاءت الأخبار ببيعة علي قالت : تَعِسُوا تَعِسُوا ! لا يردُّون الأمر في تَيْمٍ أبداً ! ! وكتب طلحة والزبير إلى عائشة وهي بمكة كتاباً : أن خذِّلي الناس عن بيعة علي وأظهري الطلب بدم عثمان ، وحملا الكتاب مع ابن أختها عبد الله بن الزبير فلما قرأت الكتاب كاشفت وأظهرت الطلب بدم عثمان ! ! ) .