وقال السيد شرف الدين في النص والاجتهاد ص 301 : ( وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء ( عليها السلام ) عن البلد في نياحتها على أبيها ( صلى الله عليه وآله ) وخروجها بولديها في لُمَّة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله ( صلى الله عليه آله ) ، في ظل أراكة كانت هناك ، فلما قطعت بني لها علي ( عليه السلام ) بيتاً في البقيع كانت تأوى إليه للنياحة يدعى بيت الأحزان ، وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة ، كما تزار المشاهد المقدسة ، حتى هدم في هذه الأيام بأمر الملك عبد العزيز بن سعود النجدي ، لما استولى على الحجاز وهدم المقدسات في البقيع ، عملاً بما يقتضيه مذهبه الوهابي ، وذلك سنة 1344 للهجرة . وكنا سنة 1339 تشرفنا بزيارة هذا البيت بيت الأحزان ، إذ منَّ الله علينا في تلك السنة بحج بيته وزيارة نبيه ، ومشاهد أهل بيته الطيبين الطاهرين ( عليهم السلام ) في البقيع ) . وقال صاحب الذريعة : 7 / 52 : ( أقول : إن دار تميم الداري معروفة بالمدينة وهو مشهد يزار حتى اليوم ، وكذا دار أبي بكر وعثمان ، ولكن انهدم بيت الأحزان في بقيع الغرقد لمجاورته مراقد أئمة الشيعة ( عليهم السلام ) ، وذلك لأجل أنه : قد يؤخذ الجار بجرم الجار ) ! انتهى . ورحم الله صاحب الذريعة على حسن ظنه ، فقد تصور أن غرضهم هدم المشهد فقط ، وأن بيت الأحزان لم يكن مقصودهم بالأصل بل بالعرض ! لكن الذي يعرف تفكيرهم أكثر يجزم بأن بيت الأحزان كان مقصوداً لهم بالأصل كالمشهد وضريحه وقبته ، إن لم يكن مقصوداً بالكره أكثر منه ! لقد أصدر عمر الحكم بإعدام أراكة البقيع أو سدرته فقطعوها ، ولم يكن ذنبها إلا أن الزهراء ( عليها السلام ) ونساء الأنصار استظللنَ بها وندبنَ النبي ( صلى الله عليه آله ) تحتها . أما بيت الأحزان الذي بناه علي ( عليه السلام ) لهذا الغرض فيظهر أنهم لم يستطيعوا هدمه يومذاك ، ثم توارث المسلمون تجديده ، مَعْلَماً وشاهداً !