وكان يعينه على الحفر ، فلما صعب ذلك عليه تقدم إلى باب الكعبة ثم رفع يديه و دعا الله عز وجل ونذر له إن رزقه عشر بنين أن ينحر أحبهم إليه ، تقرباً إلى الله عز وجل ، فلما حفر وبلغ الطويَّ طويَّ إسماعيل وعلم أنه قد وقع على الماء ، كبَّر وكبرت قريش وقالوا : يا أبا الحارث هذه مأثرتنا ولنا فيها نصيب ، قال لهم : لم تعينوني على حفرها هي لي ولولدي إلى آخر الأبد » . ( الكافي : 4 / 219 ، ونحوه سيرة ابن إسحاق : 1 / 3 عن علي « عليه السلام » ، وكذا سيرة ابن هشام : 1 / 92 ) . وفي الكافي : 4 / 220 ، عن الإمام الكاظم « عليه السلام » قال : « لما احتفر عبد المطلب زمزم وانتهى إلى قعرها ، خرجت عليه من إحدى جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته ، فأبى أن ينثني ، وخرج ابنه الحارث عنه ، ثم حفر حتى أمعن فوجد في قعرها عيناً تخرج عليه برائحة المسك ، ثم احتفر فلم يحفر إلا ذراعاً حتى تجلاه النوم فرأى رجلاً طويل الباع حسن الشعر جميل الوجه جيد الثوب طيب الرائحة ، وهو يقول : أحفر تغنم ، وجُدَّ تسلم ، ولا تدخرها للمقسم ، الأسياف لغيرك والبئر لك ، أنت أعظم العرب قدراً ، ومنك يخرج نبيها ووليها ، والأسباط النجباء الحكماء العلماء البصراء ، والسيوف لهم وليسوا اليوم منك ولا لك ، ولكن في القرن الثاني منك . بهم ينير الله الأرض ويخرج الشياطين من أقطارها ، ويذلها في عزها ، ويهلكها بعد قوتها ، ويذل الأوثان ويقتل عُبَّادها . . . فخرج عبد المطلب وقد استخرج الماء . . » . أقول : ظهر ماء زمزم لهاجر وإسماعيل بمعجزة ، وكان نبعاً صغيراً ، ثم كثر العرب الواردون عليه ، فشكى إسماعيل لأبيه قلة الماء ، فأمر الله إبراهيم أن يحفر بئراً فحفره ونزل جبرئيل « عليه السلام » وأمره أن يسمي ويضرب في زوايا البئر الأربعة فضرب إبراهيم