ولا بد أنهم عرفوا يقظة النبي « صلى الله عليه وآله » وتنبهه لتحركاتهم ، وحيويته وسرعة تحرك قواته ، ولو إلى مسافات بعيدة ، تصل أحياناً إلى مئات الكيلومترات . ولذلك وادعه بنو مدلج وكتبوا معه صلحاً يتعهدون فيه بعدم قتاله ، ولا معاونة أحد على قتاله ! مع أنهم قريبون من مكة ، ومع أن زعيمهم سراقة بن جشعم اعترض النبي « صلى الله عليه وآله » في طريق هجرته ليقتله أو يأسره ويأخذ جائزة قريش ، وكانت مئة بعير من قريش ! ( اليعقوبي : 2 / 39 ، والثاقب / 145 ) فقد تفاجأ سراقة عندما رأى النبي « صلى الله عليه وآله » بعد خمسة عشر شهراً ، وسط مئات من المسلمين مملوئين شجاعة وتوثباً ، فعقد معه معاهدة عدم اعتداء ! 2 . لم يكتف النبي « صلى الله عليه وآله » بإرسال القادة الشجعان في سرايا الاستطلاع والترهيب ، بل كان يشارك فيها شخصياً عندما يرى لزوم ذلك ، أو يأمره ربه به ، ونلاحظ أنه شارك في ثلاثة غزوات قبل بدر هي : الأبواء وبواط والعشيرة ، وهذا يعطي لدولته ودعوته جدية خاصة . 3 . من الواضح أن النبي « صلى الله عليه وآله » كان يهدف إلى قطع طريق تجارة قريش الأساسية ، وهي التي تمر من جهة المدينة إلى الشام وفلسطين ومصر ، وبذلك لا يبقى لها إلا طريق الطائف إلى نجد والعراق ، وطريق جدة إلى الحبشة ، وطريق اليمن ، لكن تجارتها إلى هذه المناطق ثانوية . وقد حاولت قريش أن تسلك طريق العراق إلى الشام بعد معركة بدر ، فأثبت لها النبي « صلى الله عليه وآله » أنها أيضاً تحت سيطرته !