ولقد كان « صلى الله عليه وآله » يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه . ويكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير فيقول : يا فلانة لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي ، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا وزخارفها . فأعرض عن الدّنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتّخذ منها رياشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً . فأخرجها من النّفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر . وكذلك من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده . و لقد كان في رسول الله « صلى الله عليه وآله » ما يدلّك على مساوئ الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصّته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته . فلينظر ناظر بعقله ، أكرم الله محمّداً بذلك أم أهانه ؟ فإن قال : أهانه فقد كذب والله العظيم بالإفك العظيم . وإن قال أكرمه ، فليعلم أنّ الله قد أهان غيره حيث بسط الدّنيا له ، وزواها عن أقرب النّاس منه » . ( نهج البلاغة / 88 ح ، 580 ) . « فقاتل بمن أطاعه من عصاه ، يسوقهم إلى منجاتهم ، ويبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم . يحسر الحسير ( يعالج الضعيف ) ويقف الكسير فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته ، إلاّ هالكاً لا خير فيه . حتّى أراهم منجاتهم ، وبوّأهم محلّتهم ، فاستدارت رحاهم واستقامت قناتهم » . ( نهج البلاغة / الخطبة 102 ، 198 ) . « اللهم داحي المدحوات . وداعم المسموكات ، وجابل القلوب على فطرتها ، شقيها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدافع