القطط ولا السبط كان جعداً رجِلاً ( ممشط الشعر ) ولم يك بالمطهم ولا المكلثم ، وكان في وجهه تدوير ، ( يميل إلى التدوير ) ، أبيض مشرب حمرة ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتد ( بين الكتفين ) ، أجرد ذا مسربة ، شئن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت معاً ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهو خاتم النبيين . أجود الناس كفاً ، وأجرأ الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، أوفى الناس ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة . من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله » . « اختاره من شجرة الأنبياء ، ومشكاة الضّياء ، وذؤابة العلياء ، وسرّة البطحاء ، ومصابيح الظّلمة ، وينابيع الحكمة . ( نهج البلاغة / الخطبة 106 ، 205 ) . « مستقرّه خير مستقر ، ومنبته أشرف منبت ، في معادن الكرامة ، ومماهد السّلامة . قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، وثُنيت إليه أزمّة الأبصار . دفن الله به الضّغائن ، وأطفأ به الثوائر . ألف به إخواناً ، وفرّق به أقراناً ، أعزّ به الذلة ، وأذلّ به العزّة . كلامه بيان ، وصمته لسان » . ( نهج البلاغة / الخطبة 94 ، 187 ) . « فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر « صلى الله عليه وآله » فإنّ فيه أسوةً لمن تأسّى ، وعزاءً لمن تعزّى . وأحبّ العباد إلى الله المتأسِّي بنبيه ، والمقتصّ لأثره . قضم الدنيا قضماً ، ولم يُعِرْهَا طرفاً . أهضم أهل الدنيا كشحاً ، وأخمصهم من الدنيا بطناً . عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها . علم أنّ الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه ، وحقر شيئاً فحقّره ، وصغَّر شيئاً فصغَّره . ولو لم يكن فينا إلاّ حبنا ما أبغض الله ورسوله ، وتعظيمنا ما صغّر الله ورسوله لكفى به شقاقاً لله ، ومحادَّةً عن أمر الله !