فراش النبي « صلى الله عليه وآله » وبذل مهجته دونه ، وهو أفضل من مكان صاحبك في الغار . فقال الناس : صدقت . فقال أبو جعفر : يا بن أبي حذرة ، ذهب نصف دينك ! وأما قولك ثاني اثنين : الصديق من الأمة ، فقد أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب في قوله عز وجل : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمان . . إلى آخر الآية . . ( الحشر : 10 ) والذي ادعيت إنما هو شئ سماه الناس ، ومن سماه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى به ممن سماه الناس ، وقد قال علي « عليه السلام » على منبر البصرة : أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن آمن أبو بكر وصدقت قبله . قال الناس : صدقت . قال أبو جعفر مؤمن الطاق : يا بن أبي حذرة ، ذهب ثلاثة أرباع دينك ! وأما قولك في الصلاة بالناس ، كنت ادعيت لصاحبك فضيلة لم تتم له ، وأنها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة ، فلو كان ذلك بأمر رسول الله « صلى الله عليه وآله » لما عزله عن تلك الصلاة بعينها ، أما علمت أنه لما تقدم أبو بكر ليصلي بالناس خرج رسول الله « صلى الله عليه وآله » فتقدم وصلى بالناس وعزله عنها ، ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين : إما أن تكون حيلة وقعت منه فلما أحس النبي « صلى الله عليه وآله » بذلك خرج مبادراً مع علته فنحاه عنها لكيلا يحتج بها بعده على أمته ، فيكونوا في ذلك معذورين ! وإما أن تكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوضاً إليه كما في قصة تبليغ براءة ، فنزل جبرئيل وقال : لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك ، فبعث علياً في طلبه وأخذها منه وعزله عنها وعن تبليغها ! فكذلك كانت قصة الصلاة ! وفي الحالتين