السكينة والطمأنينة وجنوداً من ملائكته لم يرها رفقاءه . فليس في الآية إلا إشارة إلى شخص كان معه ، بقطع النظر عن نوع ذلك الشخص ، ومن هُوَ . وفي شرح الأخبار : 2 / 246 : « إن الصحبة قد تكون للبر والفاجر ، وقد وصف الله تعالى في كتابه صحبة مؤمن لكافر فقال : قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ » . فالآية متركزة على الحديث عن النبي « صلى الله عليه وآله » وحده ، وغير ناظرة إلى غيره ، بل يشير إفراد الضمائر فيها إلى أن أبا بكر لا يشترك معه إلا في مجرد التواجد ، بل لا يشترك في الإجبار على الهجرة ، فقد قالت الآية : إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، ولم تقل إذ أخرجهما . وحتى تأييد النبي « صلى الله عليه وآله » جاء بجنود غير مرئيين وليس بصاحبه ورفاقه : فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا . 6 . قال المفيد « رحمه الله » ما حاصله : « لم ينزل الله سبحانه السكينة قط على نبيه « صلى الله عليه وآله » في موطن كان معه فيه أحد من أهل الإيمان ، إلا عمهم في نزول السكينة وشملهم بها ، فقال تعالى : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ . وقال : ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا . ولما لم يكن معه « صلى الله عليه وآله » في الغار إلا أبو بكر أفرد الله نبيه « صلى الله عليه وآله » بالسكينة دونه ولم يشركه معه فقال : فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ ! ولولا أنه أحدث بحزنه في الغار منكراً لما حرمه الله من السكينة التي تفضل بها على غيره من المؤمنين في المواطن الأخرى » ! ( الفصول المختارة / 43 ) .