والجواب : أنه تعالى على كل شئ قدير ، وهو العليم متى يستعمل المعجزة ومتى يترك الأمر للأسباب الطبيعية ، والنبي « صلى الله عليه وآله » يعمل بالأسباب الطبيعية ولا يطلب من ربه المعجزة إلا أن يأمره . وقد صرح بذلك الإمام زين العابدين « عليه السلام » عندما شكى له رجل ديْنه الذي أثقله فأعطاه قرصيْن وأمره أن يذهب إلى السوق ويشتري بهما شيئاً ، فوجد سمكتين غير مرغوبتين فاشتراهما فوجد في جوفها لؤلؤتين ثمينتين : « وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى منه دينه وحسنت بعد ذلك حاله فقال بعض المخالفين : ما أشد هذا التفاوت ! بينا علي بن الحسين لا يقدر أن يسد منه فاقة إذ أغناه هذا الغناء العظيم ! كيف يكون هذا وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ! فقال علي بن الحسين : هكذا قالت قريش للنبي « صلى الله عليه وآله » كيف يمضي إلى بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء « عليهم السلام » من مكة ويرجع إليها في ليلة واحدة ، من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوماً ؟ ! وذلك حين هاجر منها . ثم قال « عليه السلام » : جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ! إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به . إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لمَّا يساوهم فيه غيرهم ، فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم ، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم » ! ( أمالي الصدوق / 539 ) . لاحظ قوله « عليه السلام » : « لا يريدون منه إلا ما يريده لهم » : فالمعصوم يعيش بالأسباب العادية ، إلا إذا أمره الله تعالى أن يطلب المعجزة .