أن تقيم في جواري ؟ قال : أكره أن أقيم في جوار مشرك أكثر من يوم . قال مطعم : يا معشر قريش إن محمداً قد خرج من جواري » . أقول : شكك صاحب الصحيح من السيرة : 3 / 269 ، في جوار مطعم للنبي « صلى الله عليه وآله » بحجة أن النبي « صلى الله عليه وآله » : « لم يكن يقبل أن يكون لمشرك عنده يد يستحق الشكر عليها وهذه يد ولا شك » . لكن لا دليل في سيرة نبينا « صلى الله عليه وآله » أو غيره من الأنبياء « عليهم السلام » على إبائهم ذلك ، فقد قال يوسف « عليه السلام » لرئيس وزراء مصر : اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرض إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . ( يوسف : 55 ) وهذه يد على يوسف توجب الشكر دون شك . وقال موسى « عليه السلام » لفرعون : وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَىَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . ( الشعراء : 22 ) . ولو فعلها فرعون لكانت يداً له على موسى « عليه السلام » وشكره عليها . واحتج صاحب الصحيح أيضاً بأن طلب الجوار من مطعم ركون للظالمين ، والله تعالى يقول : وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ . ( سورة هود : 113 ) . وجوابه : أنه ليس ركوناً ، وأن باب الضرورات والتقية أوسع من ذلك . ولم أرَ أحداً من فقهائنا أفتى بحرمة طلب الجوار من كافر ، أو إعطائه لكافر . وقد حث أمير المؤمنين « عليه السلام » على الوفاء بالجوار والذمام مطلقاً ، فقال في نهج البلاغة : 2 / 150 : « فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار والوفاء بالذمام . . » . وبقطع النظر عن رواية السلطة لهذه الحادثة ، فقد رواها علي بن إبراهيم والطبرسي وابن شهرآشوب ( المناقب : 1 / 15 ) وقبلها علماؤنا وذكروها كما تذكر مسلَّمات السيرة . ونشير في الختام إلى حكيم بن جبير بن مطعم ، فهو بعكس جده مطعم ، من خاصة أصحاب الإمام زين العابدين « عليه السلام » . وقد ترجمنا له في جواهر التاريخ : 4 / 284 .