وأبلسوا ، فتجرأ بنو هاشم على كسر الحصار وخرجوا من الشعب إلى مساكنهم ! فيقولون : لقد ترافق سعي أولئك الأبرار لفك الحصار مع معجزة النبي « صلى الله عليه وآله » ، فاستطاعوا أن ينقضوا الصحيفة وينهوا حصار بني هاشم ، رغم مخالفة أبي جهل ! لاحظ قولهم في رواية ابن إسحاق : « ثم إن المطعم بن عدي قام إلى الصحيفة فشقها ، فوجد الأرضة قد أكلتها » . انتهى . فلو لم تكن الأرضة أكلتها لشقها وأبطلها ، ولو لم تكن معجزة النبوة لكانت معجزة شهامة الزعماء القرشيين الذين حاصروهم ! راجع تحريفهم وتخريفهم في : الإصابة : 1 / 230 ، والدرر / 57 ، وعمدة القاري : 17 / 119 ، وتاريخ الطبري : 2 / 78 ، وعامة مصادر السيرة والحديث ! والحقيقة ، أنه ليس نبل زعماء قريش الذي أفشل الحصار بل صمود النبي « صلى الله عليه وآله » وأبي طالب فأرسل الله آية الأرضة لتبهتهم وتفتح الباب لبني هاشم ليخرجوا من الحصار برأس مرفوع وعين قوية على عدوهم ! وغاية ما يمكن أن يقال في زعماء قريش أن موقف بعضهم أمام العجزة كان ألين من موقف أبي جهل وبقية المتشددين . 4 . لك الله يا أبا طالب ! فقد استمات رواة السلطة ليثبتوا لزعمائهم فضيلة نقض الصحيفة ويغسلوا جريمتهم في حصاركم ! وجعلوا رواية بخاري في مطعم بن عدي بأن النبي « صلى الله عليه وآله » قال لو كان مطعم حياً وطلب إطلاق أسرى بدر لأطلقتهم له ! جعلوها فخراً عظيماً وإكراماً من الله ورسوله « صلى الله عليه وآله » له ، وقالوا : « فيه دليل على أنه يجوز ترك أخذ الفداء من الأسير ، والسماحة به لشفاعة رجل عظيم ، وأنه يكافأ المحسن وإن كان كافراً » . ( صحيح بخاري : 5 / 20 ، وسبل السلام : 4 / 56 ) .