يكلموهم ولا يبايعوهم ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم ولا يحضروا معهم ، حتى يدفعوا إليهم محمداً فيقتلونه ، وإنهم يدٌ واحدة على محمد يقتلونه غيلةً أو صراحاً فلما بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم ودخلوا الشعب ، وكانوا أربعين رجلاً فحلف لهم أبو طالب بالكعبة والحرم والركن والمقام ، إن شاكت محمداً شوكة لآتبنَّ عليكم يا بني هاشم ! وحَصَّن الشعب وكان يحرسه بالليل والنهار ، فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه ورسول الله « صلى الله عليه وآله » مضطجع ثم يقيمه ويضجعه في موضع آخر ، فلا يزال الليل كله هكذا ، ويوكل وُلده ووُلد أخيه به يحرسونه بالنهار ، فأصابهم الجهد ! وكان من دخل مكة من العرب لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئاً ! ومن باع منهم شيئاً انتهبوا ماله ، وكان أبو جهل ، والعاص بن وائل السهمي ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكة فمن رأوه معه ميرة نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئاً ، ويحذرونه إن باع شيئاً منهم أن ينهبوا ماله . . ! وختموا الصحيفة بأربعين خاتماً ، ختمه كل رجل من رؤساء قريش بخاتمه وعلقوها في الكعبة وتابعهم أبو لهب على ذلك . . . ! فلم تزل هذه حاله فبقوا في الشعب أربع سنين ، لا يأمنون إلا من موسم إلى موسم ولا يشترون ولا يبايعون إلا في الموسم ! وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنة موسم للعمرة في رجب وموسم للحج في ذي الحجة ، وكان إذا اجتمعت المواسم تخرج بنو هاشم من الشعب فيشترون ويبيعون ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم