ويأتونه بخبره ، فقرأ عليهم رسول الله « صلى الله عليه وآله » القرآن فبكوا وكان فيهم سبعة رهبان وخمسة قسيسين أو خمسة رهبان وسبعة قسيسين ، ففيهم أنزل الله : وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ . . » . ونحوه تفسير القرطبي : 6 / 255 ، وتفسير ابن كثير : 3 / 405 ، وابن هشام : 1 / 263 ، والصحيح من السيرة : 3 / 215 . وقد كان مجئ جعفر أو علي « عليه السلام » بوفود القساوسة تحدياً كبيراً لقريش ، خاصة وأنهم التقوا بالنبي « صلى الله عليه وآله » في المسجد وأسلموا على يده ، واعترضهم أبو جهل وبعض زعماء قريش فأجابهم القساوسة فسكتوا ، ولو قاموا بعمل ضدهم لحماهم جعفر وعلي « عليهما السلام » ، لأنهم ضيوف النبي « صلى الله عليه وآله » وبني هاشم ! كما تشير هذه الروايات وغيرها إلى أن جعفراً « رحمه الله » ذهب إلى النجاشي قبل البعثة وأن النجاشي أرسل عدداً من القسيسين والرهبان ليروا النبي « صلى الله عليه وآله » وبراهينه . وأن جعفراً أتى بوفود من علماء النصارى من الحبشة ونجران وبلاد الشام ، إلى مكة ، والتقوا برسول الله « صلى الله عليه وآله » وأسلم عدد منهم ، وعاد جعفر إلى الحبشة . بل ورد أن علياً « عليه السلام » سافر مرة إلى الحبشة مع جعفر ، فقد كان النبي « صلى الله عليه وآله » يرسله في مهمات خاصة غير معلنة . روى في مناقب آل أبي طالب : 1 / 289 ، عن ابن عباس قال : وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأنصار : نزلت في أمير المؤمنين « عليه السلام » سبق الناس كلهم بالإيمان ، وصلى إلى القبلتين ، وبايع البيعتين بيعة بدر وبيعة الرضوان ، وهاجر الهجرتين مع جعفر من مكة إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة » . ومعناه أن هذه السفرة كانت بعد هجرة علي « عليه السلام » إلى المدينة ، وأن جعفراً جاء من الحبشة إليها .