وبعد وفاة النجاشي عاد الصراع الداخلي وضاقت الأمور على أهل الحبشة فأرسلوا إلى ابن النجاشي ، وكان أرسله والده إلى النبي « صلى الله عليه وآله » ، يطلبون منه العودة لتتويجه عليهم فلم يقبل ، لأنهم أرادوا أن يرجع عن الإسلام ! وتقدم قول النجاشي في رسالته إلى النبي « صلى الله عليه وآله » : « وقد بعثت إليك بابني أرها بن الأصحم بن أبجر ، فإني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت » . وهذا يدل على أن وزراءه رؤساء القبائل الذين رسمهم الروم بطارقة ، لم يستجيبوا له ، وأنه كان يخشى منهم إن أعلن إسلامه ، فعرض على النبي « صلى الله عليه وآله » أن يترك ملك الحبشة ويأتيه ، فأمره أن يبقى وأمر جعفر بن أبي طالب أن يبقى عنده ويساعده . أما ابنه ( أرها ) الذي أرسله فلعله أبو نيزر وكيل علي « عليه السلام » في استنباط عيون ينبع ، وقد سمى علي « عليه السلام » أكبرها باسمه : ( عين أبي نيزر ) . ففي معجم البلدان : 4 / 175 : « عين أبي نيزر . . روى يونس عن محمد بن إسحاق بن يسار أن أبا نيزر الذي تنسب إليه العين هو مولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ابناً للنجاشي ملك الحبشة الذي هاجر إليه المسلمون ، لصلبه ، وأن علياً وجده عند تاجر بمكة فاشتراه منه وأعتقه مكافأة بما صنع أبوه مع المسلمين حين هاجروا إليه . وذكروا أن الحبشة مرج عليها أمرها بعد موت النجاشي وأنهم أرسلوا وفداً منهم إلى أبي نيزر وهو مع علي ليملكوه عليهم ويتوجوه ولا يختلفوا عليه ، فأبى وقال : ما كنت لأطلب الملك بعد أن من الله علي بالإسلام ! قال : وكان أبو نيزر من أطول الناس قامة وأحسنهم وجهاً ، وقال : ولم يكن لونه كألوان