فقال له جعفر : نقول هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول ! فدلى النجاشي يده إلى الأرض ، فأخذ عويداً بين أصبعيه فقال : ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود ! فتناخرت بطارقته فقال : وإن تناخرتم والله ! إذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - ومن سبكم غُرِّم ( ثلاثاً ) ! ما أحب أن لي دبيراً وأني آذيت رجلاً منكم - والدبير بلسانهم الذهب - ! فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد عليَّ ملكي ، فآخذ الرشوة فيه ، ولا أطاع الناس فيَّ فأطيع الناس فيه . ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها ، واخرجا من بلادي فخرجا مقبوحين مردود عليهما ما جاءا به ! فأقمنا مع خير جار في خير دار ، فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه ، فوالله ما علمنا حزناً قط كان أشد منه فرقاً أن يظهر ذلك الملك عليه ، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف ، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي ، فخرج إليه سائراً ، فقال أصحاب رسول الله « صلى الله عليه وآله » بعضهم لبعض : مَن رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون ؟ فقال الزبير : وكان من أحدثهم سناً : أنا ، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى جنب التقاء الناس ، فحضر الوقعة فهزم الله ذلك الملك وقتله ، وظهر النجاشي عليه ، فجاءنا الزبير فجعل يلمح إلينا بردائه ويقول : ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي !