وكانت قريش ترى وجود ولد للنبي « صلى الله عليه وآله » يضيف صعوبةً أمام خطتها لأخذ دولته من بعده ! أما النبي « صلى الله عليه وآله » فحسابه التسليم المطلق لربه عز وجل ، فهو ينفذ أمره ولا يشغل نفسه بما سيكون أو لا يكون ، وقد أجاب عمر عندما اعترض عليه في صلح الحديبية فقال « صلى الله عليه وآله » : « يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً » . ( صحيح بخاري : 6 / 45 ، و : 4 / 70 ) . وقد أمره ربه أن يركز مكانة عترته « عليهم السلام » علي وفاطمة والحسنين « عليهم السلام » ويبشر الأمة باثني عشر إماماً ، ففعل ذلك طوال بعثته ، ثم رزقه ولداً قبل حجة الوداع ، لكن الأمر عنده لم يتغير ، فهو عبد الله ورسوله ، مسلِّمٌ له كل أموره ، وهو على يقين بأنه لن يضيعه . وقد انكشف أن ذلك الترتيب الإلهي كان في محله تماماً ، لأن إبراهيم بن النبي « صلى الله عليه وآله » مات دون السنتين ، قبيل وفاة النبي « صلى الله عليه وآله » ! ( الوافي للصفدي : 1 / 78 ) . أما قريش فكانت تتخيل أن النبي حريص على أن يكون له ابن يرثه ! وقد استنفرت عندما رزقه الله إياه من جارية غريبة هي مارية القبطية ، فآذتها نساؤه أذىً مفرطاً وصل إلى الضرب ، فاضطر أن يسكنها بعيداً عنهن عند عائلة أبي رافع ! ثم أطلق المرجفون ألسنتهم بأن إبراهيم لا يشبه النبي « صلى الله عليه وآله » واتهموا أمه مارية ! ففي المنتظم : 3 / 346 ، عن عائشة قالت : « لما ولد إبراهيم جاء به رسول الله إليَّ فقال : أنظري إلى شبهه بي ، فقلت : ما أرى شبهاً » ! وعندما أنزل الله براءة مارية وكشف كذب المفترين ، تبرأت عائشة من اتهامها وقالت : إن أهل الإفك والزور قالوا : من حاجته إلى الولد ادعى ولد غيره » ! ( الحاكم : 4 / 39 ) . ثم قالت إن البراءة نزلت لها ، لقصة حدثت معها قبل سنوات ! راجع صراع