نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 64
فقد صار فيما ادعوه عدول عن الظاهر الذي ذكرناه في معنى الآية ، فلو سلم ما ادعوه من الظاهر في معنى اللفظة معه لتعارضتا ، فكيف وقد بينا أنه غير سليم ولا صحيح ؟ . وبعد : فإن قوله : ( وما تعملون ) لا يستقل بالفائدة بنفسه ، ولا بد من أن يقدر محذوف ، ويرجع إلى ( ما ) التي بمعنى ( الذي ) ، وليس لهم أن يقدروا الهاء ليسلم ما ادعوه بأولى منا إذا قدرنا لفظة فيه ، لأن كلا الأمرين محذوف ، وليس تقدير أحدهما بأولى من الآخر ، إلا بدليل هذا . على أنا قد بينا أن مع تقدير الهاء يكون الكلام محتملا لما ذكرناه ، كاحتماله لما ذكروه . ومع تقديرنا الذي بيناه يكون الكلام مختصا غير مشترك ، فصرنا بالظاهر أولى منهم ، وصار للمعنى الذي ذهبنا إليه الرجحان على معناهم . على أن معنى الآية والمقصود منها يدلان على ما ذكرناه ، حتى أنا لو قدرنا ما ظنه المخالف لكان ناقضا للغرض في الآية ومبطلا لفايدتها ، لأنه تعالى خبر عن إبراهيم ( ع ) بأنه قرعهم ووبخهم بعبادة الأصنام ، واحتج عليهم بما يقتضي العدول عن عبادته . ولو كان مراده بالآية ما ظنوه من أنه تعالى خلقهم وخلق أعمالهم ، وقد علمنا أن عبادتهم للأصنام من جملة أعمالهم ، فكأنه قال الله تعالى : والله خلقكم وخلق عبادة أصنامكم . لوجب أن يكون عاذرا لهم ومزيلا للوم عنهم ، لأن الانسان لا يذم على ما خلق فيه ولا يعاتب ولا يوبخ . وبعد فلو حملنا الآية على ما توهموه ، لكان الكلام متناقضا من وجه آخر ، لأنه قد أضاف العمل إليهم بقوله ( وما تعملون ) . وذلك يمنع من كونه خلقا لله تعالى ، لأن العامل للشئ هو من أحدثه وأخرجه من العدم إلى الوجود . والخلق في هذا الوجه لا يفيد إلا هذا المعنى ، فكيف يكون خالقا ومحدثا لما أحدثه غيره وعمله ؟ على أن الخلق إذا كان هو التقدير في اللغة ، فقد يكون الخالق خالقا لفعل غيره إذا كان مقدرا له ومدبرا . ولهذا يقولون
64
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 64