نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 63
المعمول فيه أظهر وأكثر . ألا ترى أنه تعالى قال في العصا ( تلقف ما يأفكون ) [1] وفي آية أخرى : ( وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا ) [2] . ومعلوم أنه لم يرد أنها تلقف أعمالهم التي هي الحركات واعتمادات ، وإنما أراد أنها تلقف الحبال وغيرها مما حله الإفك . وقد قال الله تعالى : ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات ) [3] فسمى المعمول فيه عملا . ويقول القائل في الباب أنه عمل النجار ، ومما يعمل النجار ، وكذلك في الناسج والصايغ . وههنا مواضع لا يستعمل فيها ( ما ) مع الفعل إلا والمراد بها الأجسام دون الأعراض التي هي فعلنا . لأن القائل إذا قال : أعجبني ما تأكل وما تشرب وما تلبس ، لم يجز حمله إلا على المأكول والمشروب والملبوس دون الأكل والشرب واللبس . فصح أن لفظة ( ما ) فيما ذكرناه أشبه بأن تكون حقيقة ، وفيما ذكروه أشبه بأن تكون مجازا . ولو لم يثبت فيها إلا أنها مشتركة بين الأمرين ، وحقيقة فيهما ، لكان كافيا في إخراج الظاهر من أيديهم ، وإبطال ما تعلقوا به . وليس لهم أن يقولوا أن كل موضع استعملت فيه لفظة ( ما ) مع الفعل ، وأريد بها المفعول فيه ، إنما علم بدليل ، والظاهر بخلافه . وذلك أنه لا فرق بينهم في هذه الدعوى وبين من عكسها ، فادعى أن لفظة ( ما ) إذا استعملت مع الفعل وأريد بها المصدر دون المفعول فيه كانت محمولة على ذلك بالدليل ، وعلى سبيل المجاز . والظاهر بخلافه ، على أن التعليل وتعلق الكلام الثاني بالأول على ما بيناه أيضا ظاهر ، فيجب أن يكون مراعى . وقد بينا أيضا أنه متى حمل الكلام على ما ظنوه لم يكن الثاني متعلقا بالأول ولا تعليلا فيه ، والظاهر يقتضي ذلك .