نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 62
القول يقتضي أنه تعالى خلق أعمال العباد ، فما الوجه فيما وما عذر إبراهيم عليه السلام في إطلاقه ؟ . ( الجواب ) : قلنا من تأمل هذه الآية حق التأمل ، علم أن معناها بخلاف ما يظنه المجبرة ، لأن قوله تعالى خبر عن إبراهيم ( ع ) بأنه غير قومه بعبادة الأصنام واتخاذها آلهة من دون الله تعالى ، بقوله : ( أتعبدون ما تنحتون ) ، وإنما أراد منحوت وما حمله النحت دون عملهم الذي هو النحت ، لأن القوم لم يكونوا يعبدون النحت الذي هو فعلهم في الأجسام ، وإنما كانوا يعبدون الأجسام أنفسها . ثم قال : ( والله خلقكم وما تعملون ) . وهذا الكلام لا بد من أن يكون متعلقا بالأول ومتضمنا لما يقتضي المنع من عبادة الأصنام ، ولا يكون بهذه الصفة إلا والمراد بقوله : وما تعملون الأصنام التي كانوا ينحتونها . فكأنه تعالى قال : كيف تعبدون ما خلقه الله تعالى كما خلقكم . وليس لهم أن يقولوا إن الكلام الثاني قد يتعلق بالكلام الأول على خلاف ما قدرتموه ، لأنه إذا أراد أن الله خلقكم وخلق أعمالكم ، فقد تعلق الثاني بالأول ، لأن من خلقه الله لا يجوز أن يعبد غيره . وذلك أنه لو أراد ما ظنوه ، لكفى أن يقول الله تعالى : والله خلقكم . ويصير ما ضمنه إلى ذلك من قوله : ( وما تعملون ) لغوا ولا فائدة فيه ، ولا تعلق له بالأول ولا تأثير له في المنع من عبادة الأصنام . فصح أنه أراد ما ذكرناه من المعمول فيه ، ليطابق قوله : ( أتعبدون ما تنحتون ) . فإن قالوا هذا عدول عن الظاهر ، لقوله تعالى : ( وما تعملون ) لأن هذه اللفظة لا تستعمل على سبيل الحقيقة إلا في العمل دون المعمول فيه . ولهذا يقولون : أعجبني ما تعمل وما تفعل ، مكان قولهم : أعجبني عملك وفعلك . قيل لهم : ليس نسلم لكم إن الظاهر ما ادعيتموه ، لأن هذه اللفظة قد تستعمل في المعمول فيه ، والعمل على حد واحد . بل استعمالها في
62
نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 62