نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 57
إنما استغفر لأبيه لأن السمع لم يقطع له على عقاب الكفار . وكان باقيا على حكم العقل ، وليس يمكن أن يدعي أن ما في شرعنا من القطع على عقاب الكفار كان في شرعه لأن هذا لا سبيل إليه ؟ . قلنا : هذا الوجه كان جائزا لولا ما نطق به القرآن من خلافه ، لأنه تعالى لما قال : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) [1] قال عاطفا على ذلك : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) فصرح بعلة حسن استغفاره ، وأنها الموعدة . وكان الوجه في حسن الاستغفار على ما تضمنه السؤال ، لوجب أن يعلل استغفاره لأبيه بأنه لم يعلم أنه من أهل النار لا محالة ، ولم يقطع في شرعه على عقاب الكفار . والكلام يقتضي خلاف هذا ، ويوجب أنه ليس لإبراهيم ( ع ) من ذلك ما ليس لنا ، وأن عذره فيه هو الموعدة دون غيرها . وقد قال أبو علي بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي في تأويل الآية التي في التوبة ، ما نحن ذاكروه ومنبهون على خلافه . قال بعد أن ذكر أن الاستغفار إنما كان لأجل الموعدة من الأب بالإيمان : إن الله تعالى إنما ذكر قصة إبراهيم ( ع ) بعد قوله ( ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين ) لئلا يتوهم أحد أن الله عز وجل كان جعل لإبراهيم عليه السلام من ذلك ما لم يجعله للنبي صلى الله عليه وآله ، لأن هذا الذي لم يجعله للنبي صلى الله عليه وآله لا يجوز أن يجعله لأحد ، لأنه ترك الرضا بأفعال الله تعالى وأحكامه . وهذا الذي ذكره غير صحيح على ظاهره ، لأنه يجوز أن يجعل لغير نبينا صلى الله عليه وآله ممن لم يقطع له ، على أن الكفار معاقبون لا محالة ، أن يستغفر