نام کتاب : تنزيه الأنبياء ( ع ) نویسنده : الشريف المرتضى جلد : 1 صفحه : 58
للكفار ، لأن العقل لا يمنع من ذلك . وإنما يمنع السمع الذي فرضنا ارتفاعه . فإن قال : أردت أنه ليس لأحد ذلك مع القطع على العقاب ، قلنا : ليس هكذا يقتضي ظاهر كلامك . وقد كان يجب إذا أردت هذا المعنى أن تبينه وتزيل الابهام عنه ، وإنما لم يجز أن يستغفر للكفار مع ورود الوعيد القاطع على عقابهم ، زايدا على ما ذكره أبو علي من أنه ترك الرضا بأحكام الله ، أن فيه سؤالا له تعالى أن يكذب في أخباره ، وأن يفعل القبيح من حيث أخبر بأنه لا يغفر للكفار مع الاصرار . تكريم إبراهيم باستجابة دعائه : ( مسألة ) : فإن قال : إذا كان من مذهبكم إن دعاء الأنبياء ( ع ) لا يكون إلا مستجابا ، وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه فقال : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) . وقد عبد كثير من بنيه الأصنام وكذلك السؤال عليكم في قوله : ( رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ) [1] . ( الجواب ) : قيل له أما المفسرون فإنهم حملوا هذا الدعاء على الخصوص وجعلوه متناولا لمن أعلمه الله تعالى أنه يؤمن ولا يعبد الأصنام حتى يكون الدعاء مستجابا ، وبينوا إن العدول عن ظاهره المقتضي للعموم إلى الخصوص بالدلالة واجب ، وهذا الجواب صحيح ، ويمكن في الآية وجه آخر : وهو أن يريد بقوله : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) أي افعل بي وبهم من الألطاف ما يباعدنا عن عبادة الأصنام ويصرف دواعينا عنها . وقد يقال فيمن حذر من الشئ ورغب في تركه وقويت صوارفه عن فعله : أنه قد جنبه . ألا ترى أن الوالد قد يقول لولده إذا كان قد حذره من بعض الأفعال