نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 260
هذا ما نراه أقرب إلى المعقول فيما وقفنا عليه - ورب قائل يقول إن تبعة ما وقع من عمرو يوم صفين وفي يوم التحكيم واقعة عليه لا محالة . فنجيب بأن الذنب ليس ذنبه . بل هو ذنب الذين خالفوا عليا ولم يتبعوا رأيه ، وقد كان قاب قوسين أو أدنى من الانتصار - على أن عمرا ذلك الرجل الفذ إنما أراد أن يصل إلى غايته من أي طريق يسلكه مهما استعمل في سبيل ذلك من الخدع والدهاء التي امتاز بها على العرب كافه . وقد أدى لصاحبه حق الخدمة ، وعمل بما تقضي به صفة الدهاء والسياسة الموصوف بهما ، بينما لم يبلغ هذه الصفة أبو موسى الذي كان يرى عدم نصرة علي واجبا شرعا ما دام قتلة عثمان في صفوفه . وإن كنا قد أنجينا باللائمة على كل من عمرو ومعاوية لاتباعهما هذه السياسة التي أدت إلى خلع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وأن تدخلهما كان لأغراض شخصية وأهواء ، وأن دهاء عمرو قد ساعد على تحقيق غرضه والوصول إلى غايته ، فلا ينبغي أن يعزب عن بالنا أمر على جانب عظيم من الأهمية ، وهو أنه نظرا للحالة السياسية التي وصلت إليها الأمة العربية في ذلك الزمن ، كان لا بد من حدوث هذا التغيير إما على أيدي عمرو ومعاوية أو على يد غيرهما . وكل ما يقال في عمرو ومعاوية أن الظروف قد تهيأت لهما فاستفادا منها فوجدا من قتل عثمان سبيلا إلى إحداث هذا التغيير الذي حصل في الواقع من جهتين متباينتين . الأولى : جهة عربية خاصة : وهي أنه لما تولى عثمان بن عفان الخلافة طمع بنو أمية في أن يستردوا سلطانهم على قريش ، ولو تم لهم ما أرادوا لاستقر سلطانهم على الأمة الإسلامية بأجمعها . وقد تولى منهم عثمان ، وولى ذوي قرباه على الأمصار . بحيث لو طالت
260
نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 260