نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 246
فندب إليهم علي قوما فأجلوا رجال معاوية عن الماء ، فأرسل إليه معاوية يستأذنه في وروده فأذن لهم ! وبعد يومين من نزول علي على هذا الموضع بعث إلى معاوية يدعوه إلى اتحاد الكلمة ، والدخول في جماعة المسلمين ، وطالب المراسلة بينهما فاتفقا على الموادعة إلى آخر المحرم سنة 37 ه ، ولم يتفقا في غضون هذه المدة على شئ ، ودارت رحى الحرب بينهما من جديد ( 1 ) . ومن أطلع على ما كان من أمر سفراء علي واشتدادهم على معاوية ، وكذا اشتداد سفراء معاوية على علي ، لا يسعه إلا أن يحكم بأن عدم نجاح هؤلاء المندوبين كان راجعا لقلة خبرتهم بالسياسة ، وشدة ميلهم إلى الحرب ، مما أفسد القلوب وزاد الفرقة يظهر من رواية الطبري أن رسل علي إلى معاوية كان فيهم غطرسة ، فكانت كلمات الشر والتفريق والتغالي تبدر من ألسنتهم ، ولم يكونوا ليصلحوا رسل صلح ، فكان معاوية يسئ الرد عليهم - والظاهر أن القوم قد ثملوا بالانتصار على أهل الجمل بالبصرة ، فظنوا أن ينالوا من جيش معاوية ما نالوا من جيش عائشة . ولما انقضى المحرم أعادوا القتال سيرته الأولى ، فلما كان اليوم الأول من صفر سنة 37 للهجرة ، ابتدأت الحرب من غير أن يقف كل الجمعين وجها لوجه ، بل كان كل يوم يخرج قائد من هنا وقائد من هنا حتى إذا مضت سبعة أيام قال علي لجنده : حتى متى لا نناهض هؤلاء القوم بجمعنا ؟ فباتوا يصلحون أمرهم ، وفي ذلك يقول الشاعر : أصبحت الأمة في أمر عجب * والأمر مجموع غدا لمن غلب فقلت قولا صادقا غير كذب * إن غدا تهلك أعلام العرب
1 - الإمامة والسياسة لابن قتيبة ( ج 1 ص 172 ) ، ومروج الذهب للمسعودي ( ج 2 ص 14 - 15 ) بتصرف .
246
نام کتاب : تاريخ عمرو بن العاص نویسنده : دكتر حسن إبراهيم حسن جلد : 1 صفحه : 246