ولا في اعتدال الحرارة ، ولا في الري . . ولكن تلك الزيادات ، إن طلبت فإنما تطلب لأمر آخر . . لا تأثير له في حفظ الحياة ، واستمرارها . . على أن من الواضح : أن هذا التعهد الإلهي معناه : أن الله تعالى إذا كان لا يرضى بأن يتعرض النبي آدم لأي ضيق أو أذى ، فلا يرضى أن يبتليه بما هو أشد ، كالأمراض الصعبة ولا السهلة مثلاً ، ولا يرضى له بأن يعيش ذليلاً ، أو مهاناً مثلاً . . كما أن هذا التعهد لا يعني أنه يحرمه من أنهار العسل المصفى ، أو القصور ، أو البساتين ، أو غير ذلك . فقد يعطيه ذلك أيضاً . . ولعل السبب في أنه تعالى اقتصر على هذه الأمور ، ولم يذكر لآدم « عليه السلام » أزيد منها ، هو أن تلك الزوائد لا تمثل طموحاً له ، فهو لا يفكر في اقتناء الأموال ، واختراق الجبال ، وإنشاء الجسور ، وبناء القصور ، واختراع الآلات التي تمكنه من التغلب على الموانع ، وتمنحه الفرصة ، وتسهل له الوصول إلى مراداته . فضلاً عن أن يفكر في المناصب ، أو أن يسعى إلى امتلاك أسباب القوة والهيمنة والسلطان . . وما إلى ذلك . إن ذلك كله زيادات لا يفكر فيها آدم « عليه السلام » ، بل هو يرفضها ، لأنه يريد أن يفرغ نفسه لطاعة الله الذي ملأ قلبه ، وأخذ حبه عليه سمعه وبصره ، وملك مشاعره . . ولا يريد أن يشغله عنه شيء ، حتى ولو مثل التفكير بلقمة عيش يتقوى بها جسده ، أو شربة ماء تحفظ حياته ، فضلاً عما هو ابعد من ذلك . د - ثم إن هذا العطاء الإلهي لآدم « عليه السلام » في الجنة ، يشير إلى الرعاية والكرامة الإلهية التامة ، والمحبة الحقيقية منه تعالى له . فإنه إذا كان بصدد حفظه حتى ولو من أن يتضايق من حرارة الشمس في وقت الضحى ،