فإذا حصلت هذه الأمور للنبي آدم « عليه السلام » ، كفاه ذلك ، ولا يحتاج في استمرار حياته كإنسان إلى سواها . . غير أن من الواضح : أن هذا ليس هو نهاية طموح النبي آدم « عليه السلام » ، وليس هو رمز سعادته ، وسر وصوله إلى الجنة ؟ ! كما أن حصول النبي آدم على هذه الأمور الأساسية ، قد جعل إبليس عاجزاً عن إطماعه « عليه السلام » بمثل هذه الأمور الأساسية والحساسة . . كما لا يمكن أن يغري النبي آدم بما يرتبط بلذة الجنس ، فقد انسد باب التوسل بها لإغوائه ، لوجود زوجته حواء معه . . وكذلك سائر الملذات التي في الجنة . . ولذلك فإنه حين عرض إبليس على النبي آدم الأكل من الشجرة لم يذكر له شيئاً عن مثل هذه الأمور لحمله على ذلك ، بل اتجه إلى ما هو أسمى من ذلك ، وجعله هو الخيار أمام النبي آدم « عليه السلام » . . ج - إنه تعالى حين أسكن آدم « عليه السلام » في الجنة قد أعطاه ما ينسجم مع طموحاته ، ويتلاءم مع طبيعة ما يفكر فيه . حيث طمأنه إلى أنه سيرتاح من عناء التفكير ، والعمل من أجل الحصول على ما يسد به الرمق ، ويروي من الظمأ ، ويستر العورة ، ويقي من الحر والبرد ، كما أشار إليه قوله تعالى : * ( إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) * ، أي تدخل في وقت الضحى ، وهو الوقت الذي يبدأ الإنسان فيه بالتضايق من الحر . . فإذا حصل على هذه الأمور الأربعة ، فإنه سوف يعيش حياته من دون تنغيص أو ألم ، ولا يحتاج إلى رسم الخطط وبذل الجهود للحصول عليها ، كما أنه لا يحتاج إلى الحفظ ، والحمل ، والتصنيع ، والإعداد ، وغير ذلك . ولا يهمه بعد ذلك أن يحصل على خزائن الطعام ، ولا على أطقم الألبسة ، أو الأشربة المختلفة ، أو القصور ، فإن ذلك كله لا يزيد في الشبع ، ولا في الستر ،