آخر سؤال : وقد يقال : إن كل هذا التعب ، إنما هو بسبب الإجمال في البيان الإلهي ، فلماذا لم ينصب الله تعالى للنبي آدم قرينة تدله على مراده ، ليجنبه الوقوع في هذا الذي وقع فيه ؟ ! . . وإذا لم ينصب له قرينة على مراده ، فلماذا لم يعمل النبي آدم بالاحتياط الذي هو سبيل النجاة ؟ ! . . ويمكن أن يجاب عن ذلك : أولاً : إن الإجمال قد يكون مقصوداً ، إذ ربما يكون الهدف الإلهي هو إبراز استحقاق آدم لمقام النبوة والخلافة في الأرض ، وهو ما كان موضع ترديد لدى الملائكة ، حيث اعتقدوا : أنهم وحدهم هم القادرون على إيصال هذا الكون إلى كماله * ( قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) * [1] . . فأراد الله سبحانه أن يكون النهي الإلهي لآدم « عليه السلام » ، وارداً في سياق الامتحان والاختبار له صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا وآله . . لكي يظهر الله سبحانه - بصورة عملية - للملأ الأعلى أهلية آدم لما أهله تبارك وتعالى له ، إذ في مثل هذه المواقع تتجلّي طموحات وأهداف آدم السامية وتظهر ملكاته ، وخصائصه الإيمانية بأبهى صورة ، وأصدق وأتم تعبير . . ولا تبقى مجرد توقعات ، أو أخبار يستند القبول والتصديق بها إلى الإيمان بالغيب ، وتكون هي مجرد سبيل للتعبد والانقياد . . ثانياً : إن الإجمال في البيان قد يكون هدفاً بذاته ، من حيث إنه يسهم